الديموقراطية طريقة تتم من خلالها ترجمة الرأي الأكثر شعبية إلى قرار سياسي ساري المفعول وملزم لجميع الأطراف، لكن مدى صحة هذا القرار وانعكاسه على مصلحة الدولة بشكل عام لا يدخلان ضمن اختصاص الديموقراطية. هذا هو السبب وراء أهمية الحوار قبل اتخاذ أي قرار ديموقراطي، فالحوار يساهم في الوصول إلى رأي شعبي راجح يتسم ببعد النظر ويتجاوز حدود المصالح الآنية الضيقة والنزعات الاستحواذية!
في أغلب الأحيان، من الصعب التنبؤ بالآثار المترتبة لأي قرار ديموقراطي على مستقبل الدولة، لكن عندما يكون هذا القرار مسبوقاً بعملية معقدة من النقاش الموضوعي والحوار البناء، فإن احتمال الأثر الإيجابي لهذا القرار على مستقبل البلاد يكون كبيراً جداً، وهذه العملية تتطلب وقتاً كافياً من جهة، وقدراً معقولاً من الشعور بالمسؤولية من جهة أخرى. باختصار، الديموقراطية تكشف عن الرأي السائد، والحوار الموضوعي يزيد من فرصة الوصول إلى الرأي الصائب!
إذا وضعنا ما سبق في الاعتبار، يصبح من المنطقي القول إن مدى نجاح الديموقراطية أو فشلها يقاس بمدى القدرة على الكشف عن طبيعة الرأي السائد، فالانتخابات النزيهة، مثلاً، دليل على نجاح الديموقراطية، والانتخابات المزورة دليل على فشلها، هذا يعني أن تقييم الديموقراطية يجب أن لا يتجاوز معيار القدرة على التعبير عن الرأي السائد، فانعدام التعاون بين النواب والحكومة وانحسار التنمية والتدهور العام في أوضاع البلد وانتشار الفساد في أروقة الدولة، كلها مشكلات لا تقع مسؤوليتها على عاتق الديموقراطية! حتى لو افترضنا وجود تعاون بناء بين المجلس والحكومة ووجود إصلاح حقيقي يشمل مظاهر البلد كلها، فإن مثل هذه الإيجابيات لا يرجع الفضل فيها إلى الديموقراطية، إلا بالقدر الذي تساهم فيه الديموقراطية في الابتعاد عن المركزية في اتخاذ القرار السياسي. بمعنى آخر، من حقنا الحكم على الديموقراطية بالفشل أو النجاح في حالتين فقط، حين يدلي الناخب بصوته في صناديق الاقتراع، وحين يدلي النائب بصوته تحت قبة البرلمان!
أزماتنا السياسية لها مصادر عدة، لعل أهمها غياب الحوار الموضوعي الذي يسبق أي قرار سياسي، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. لنأخذ على سبيل المثال العملية الانتخابية، فمن المظاهر الشائعة في فترة الانتخابات كثرة الندوات العامة، لكنها ندوات تقتصر في أغلبها على مهاجمة الحكومة في غيابها، أي أنها ندوات تقتصر على طرف واحد وتخلو من وجود حوار موضوعي بين طرفين متصارعين، كما أننا لم نسمع عن مناظرة عامة دارت بين مرشحين ينتمون إلى الدائرة نفسها، ولست أدري إن كانت الانتخابات الفرعية والتحالفات السياسية تقفان وراء اختفاء فكرة المناظرة! وجود حوار سياسي بين مرشحين أو أكثر يساهم في تحفيز الناخب على الاحتكام إلى معايير موضوعية حول كيفية اختيار المرشح الأمثل، وغياب هذا النوع من الحوار يؤدي فيما بعد إلى نشوء علاقة بين الناخب والنائب قائمة إما على المصلحة الفردية وإما على التعصب الأعمى! عندما أختار، كناخب، مرشحاً واحداً من بين عدة مرشحين، فإن اختياري هذا يجب أن يستند إلى ثقتي في قدرة هذا المرشح على الحكم على الأمور واتخاذ القرارت الصائبة التي تتعلق بمصير الدولة بشكل عام، ولا ينبغي أن يكون الاختيار معتمداً على مدى قدرة المرشح على تحقيق قائمة طويلة من مطالبي الشخصية!
لا أحد يشك في وجود علاقة منفعة متبادلة بين الناخب والنائب بشكل عام، لكني أشك في إدراك كثير من الناس لمدى خطورة مثل هذه العلاقة وأثرها السلبي على واقعنا السياسي. لا أحسبني أبالغ إذا قلت إن أغلب أزماتنا السياسية يرجع مصدرها إلى آفة هذه العلاقة العقيمة بين الناخب والنائب، وهذه هي النقطة التي أريد التأكيد عليها في المقال القادم.
في أغلب الأحيان، من الصعب التنبؤ بالآثار المترتبة لأي قرار ديموقراطي على مستقبل الدولة، لكن عندما يكون هذا القرار مسبوقاً بعملية معقدة من النقاش الموضوعي والحوار البناء، فإن احتمال الأثر الإيجابي لهذا القرار على مستقبل البلاد يكون كبيراً جداً، وهذه العملية تتطلب وقتاً كافياً من جهة، وقدراً معقولاً من الشعور بالمسؤولية من جهة أخرى. باختصار، الديموقراطية تكشف عن الرأي السائد، والحوار الموضوعي يزيد من فرصة الوصول إلى الرأي الصائب!
إذا وضعنا ما سبق في الاعتبار، يصبح من المنطقي القول إن مدى نجاح الديموقراطية أو فشلها يقاس بمدى القدرة على الكشف عن طبيعة الرأي السائد، فالانتخابات النزيهة، مثلاً، دليل على نجاح الديموقراطية، والانتخابات المزورة دليل على فشلها، هذا يعني أن تقييم الديموقراطية يجب أن لا يتجاوز معيار القدرة على التعبير عن الرأي السائد، فانعدام التعاون بين النواب والحكومة وانحسار التنمية والتدهور العام في أوضاع البلد وانتشار الفساد في أروقة الدولة، كلها مشكلات لا تقع مسؤوليتها على عاتق الديموقراطية! حتى لو افترضنا وجود تعاون بناء بين المجلس والحكومة ووجود إصلاح حقيقي يشمل مظاهر البلد كلها، فإن مثل هذه الإيجابيات لا يرجع الفضل فيها إلى الديموقراطية، إلا بالقدر الذي تساهم فيه الديموقراطية في الابتعاد عن المركزية في اتخاذ القرار السياسي. بمعنى آخر، من حقنا الحكم على الديموقراطية بالفشل أو النجاح في حالتين فقط، حين يدلي الناخب بصوته في صناديق الاقتراع، وحين يدلي النائب بصوته تحت قبة البرلمان!
أزماتنا السياسية لها مصادر عدة، لعل أهمها غياب الحوار الموضوعي الذي يسبق أي قرار سياسي، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. لنأخذ على سبيل المثال العملية الانتخابية، فمن المظاهر الشائعة في فترة الانتخابات كثرة الندوات العامة، لكنها ندوات تقتصر في أغلبها على مهاجمة الحكومة في غيابها، أي أنها ندوات تقتصر على طرف واحد وتخلو من وجود حوار موضوعي بين طرفين متصارعين، كما أننا لم نسمع عن مناظرة عامة دارت بين مرشحين ينتمون إلى الدائرة نفسها، ولست أدري إن كانت الانتخابات الفرعية والتحالفات السياسية تقفان وراء اختفاء فكرة المناظرة! وجود حوار سياسي بين مرشحين أو أكثر يساهم في تحفيز الناخب على الاحتكام إلى معايير موضوعية حول كيفية اختيار المرشح الأمثل، وغياب هذا النوع من الحوار يؤدي فيما بعد إلى نشوء علاقة بين الناخب والنائب قائمة إما على المصلحة الفردية وإما على التعصب الأعمى! عندما أختار، كناخب، مرشحاً واحداً من بين عدة مرشحين، فإن اختياري هذا يجب أن يستند إلى ثقتي في قدرة هذا المرشح على الحكم على الأمور واتخاذ القرارت الصائبة التي تتعلق بمصير الدولة بشكل عام، ولا ينبغي أن يكون الاختيار معتمداً على مدى قدرة المرشح على تحقيق قائمة طويلة من مطالبي الشخصية!
لا أحد يشك في وجود علاقة منفعة متبادلة بين الناخب والنائب بشكل عام، لكني أشك في إدراك كثير من الناس لمدى خطورة مثل هذه العلاقة وأثرها السلبي على واقعنا السياسي. لا أحسبني أبالغ إذا قلت إن أغلب أزماتنا السياسية يرجع مصدرها إلى آفة هذه العلاقة العقيمة بين الناخب والنائب، وهذه هي النقطة التي أريد التأكيد عليها في المقال القادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق