- هناك محاولات جادة لإصلاح التعليم الدراسي، ورغم ذلك يبدو الوضع كما كان عليه في الماضي! ما السبب في ذلك؟
- لا تستطيع أن تثبت مسمارا في جدار متهالك مشرف على السقوط، وإن كانت لديك مطرقة مكسورة فإن الأمر يصبح عندها مستحيلا! محاولات إصلاح التعليم الدراسي تأتي دائما من خلال قرار سياسي، وليس من رحم المجتمع نفسه· المشكلة هنا ذات طابع مزدوج، فمن جانب لدينانظام سياسي يفتقر هو ذاته إلى الإصلاح، ومن جانب آخر لدينا مجتمع لا يعي أهمية مشاركته في عملية إصلاح التعليم الدراسي! في العام الماضي التقى سمو رئيس الوزراء مع أقطاب وزارة التربية والتعليم لمناقشة الوضع التعليمي، وقد شاهدنا جميعا كيف اقتصر الاجتماع على رجال السياسة ورجال الصحافة! لقد بدا الوضع وكأن موضوع النقاش هو مسألة ترسيم حدود أو الإعلان عن حالة حرب، وليس أمرا اجتماعيا في غاية الحيوية كعملية إصلاح التعليم الدراسي!
- مع ذلك، هناك خطوات جادة قامت بها وزارة التربية والتعليم لإصلاح المناهج الدراسية، أليس كذلك؟
- من المؤسف حقا أن تأتي هذه الخطوات كرد فعل لقرار سياسي تم اتخاذه في واشنطن! لاحظ أن أساس المشكلة هو قرار سياسي داخلي، وحل جزء بسيط من هذه المشكلة ذاتها نتج عن قرار سياسي خارجي·
- هل لك أن توضح أكثر؟
- قبل عقدين من الزمن تقريبا، استحوذ تيار سياسي رجعي على عملية التعليم بمباركة السلطة السياسية، ومن ضمن نتائج هذا الاستحواذ هو ما نشاهده الآن من انتشار ثقافة الكراهية ونبذ الآخر، ثم يستمر الوضع على هذا النحو إلى غاية صدور قرار أمريكي بإعادة صياغة المناهج الدراسية لضمان احترام مفاهيم التسامح والتعايش السلمي بين الحضارات وقبول الآخر! ربما يعتقد البعض أن القرار الأمريكي يصب في مصلحة التعليم الدراسي لدينا، لكن من المهم التوقف قليلا للتعرف على دلالات هذا القرار· أولا، تطبيق وزارة التربية والتعليم لهذا القرار فيه اعتراف ضمني بوجود خلل خطير ضمن المناهج الدراسية، ورغم ذلك لم تحرك الوزارة ساكنا طوال سنين عديدة! السبب في ذلك واضح، فتلك كانت إحدى ضرائب تحالف السلطة السياسية مع التيار الرجعي! بعد ذلك يأتي القرار الأمريكي ليسقط هذه الضريبة عن كاهل الحكومة، النتيجة هي انتفاض التيار الرجعي ومطالبة الحكومة بالاستمرار بدفع هذه الضريبة وحجتهم في ذلك هو هذا التدخل السافر بالشؤون الداخلية للبلاد! هي حجة واهية بطبيعة الحال، ولإثبات ذلك يكفي أن نتخيل هذا السيناريو: لنفرض أن مناهجنا الدراسية تحتوي على مفاهيم راقية مثل أهمية حقوق الإنسان وصون كرامته، والتسامح مع الآخرين والقبول بحقهم في الوجود، ولنفرض أيضا أن قرارا سياسيا خارجيا، ليس من واشنطن هذه المرة بل من الرياض (مثلا)، تم اتخاذه لتغيير المناهج الدراسية لدينا، فهل من المنطقي أن نتوقع سماع هذه الأصوات التي تدعو إلى عدم التدخل بشؤوننا الداخلية؟!
ثانيا، وهذا هو الأهم، المجتمع الذي نعيش فيه هو المعني الأول والأخير بعملية إصلاح التعليم، ورغم ذلك لا يزال هذا المجتمع غارقا في سلبية غبية لا يستطيع التخلص منها! إنه مجتمع تسيّره قوى أخرى، ترسم له مساره وتقول له سر فيسير! طبقة التجار تحدد له ماذا يشتري، ورجال الدين يحددون له كيف يعيش وبماذا يعتقد!
يتبع...
- لا تستطيع أن تثبت مسمارا في جدار متهالك مشرف على السقوط، وإن كانت لديك مطرقة مكسورة فإن الأمر يصبح عندها مستحيلا! محاولات إصلاح التعليم الدراسي تأتي دائما من خلال قرار سياسي، وليس من رحم المجتمع نفسه· المشكلة هنا ذات طابع مزدوج، فمن جانب لدينانظام سياسي يفتقر هو ذاته إلى الإصلاح، ومن جانب آخر لدينا مجتمع لا يعي أهمية مشاركته في عملية إصلاح التعليم الدراسي! في العام الماضي التقى سمو رئيس الوزراء مع أقطاب وزارة التربية والتعليم لمناقشة الوضع التعليمي، وقد شاهدنا جميعا كيف اقتصر الاجتماع على رجال السياسة ورجال الصحافة! لقد بدا الوضع وكأن موضوع النقاش هو مسألة ترسيم حدود أو الإعلان عن حالة حرب، وليس أمرا اجتماعيا في غاية الحيوية كعملية إصلاح التعليم الدراسي!
- مع ذلك، هناك خطوات جادة قامت بها وزارة التربية والتعليم لإصلاح المناهج الدراسية، أليس كذلك؟
- من المؤسف حقا أن تأتي هذه الخطوات كرد فعل لقرار سياسي تم اتخاذه في واشنطن! لاحظ أن أساس المشكلة هو قرار سياسي داخلي، وحل جزء بسيط من هذه المشكلة ذاتها نتج عن قرار سياسي خارجي·
- هل لك أن توضح أكثر؟
- قبل عقدين من الزمن تقريبا، استحوذ تيار سياسي رجعي على عملية التعليم بمباركة السلطة السياسية، ومن ضمن نتائج هذا الاستحواذ هو ما نشاهده الآن من انتشار ثقافة الكراهية ونبذ الآخر، ثم يستمر الوضع على هذا النحو إلى غاية صدور قرار أمريكي بإعادة صياغة المناهج الدراسية لضمان احترام مفاهيم التسامح والتعايش السلمي بين الحضارات وقبول الآخر! ربما يعتقد البعض أن القرار الأمريكي يصب في مصلحة التعليم الدراسي لدينا، لكن من المهم التوقف قليلا للتعرف على دلالات هذا القرار· أولا، تطبيق وزارة التربية والتعليم لهذا القرار فيه اعتراف ضمني بوجود خلل خطير ضمن المناهج الدراسية، ورغم ذلك لم تحرك الوزارة ساكنا طوال سنين عديدة! السبب في ذلك واضح، فتلك كانت إحدى ضرائب تحالف السلطة السياسية مع التيار الرجعي! بعد ذلك يأتي القرار الأمريكي ليسقط هذه الضريبة عن كاهل الحكومة، النتيجة هي انتفاض التيار الرجعي ومطالبة الحكومة بالاستمرار بدفع هذه الضريبة وحجتهم في ذلك هو هذا التدخل السافر بالشؤون الداخلية للبلاد! هي حجة واهية بطبيعة الحال، ولإثبات ذلك يكفي أن نتخيل هذا السيناريو: لنفرض أن مناهجنا الدراسية تحتوي على مفاهيم راقية مثل أهمية حقوق الإنسان وصون كرامته، والتسامح مع الآخرين والقبول بحقهم في الوجود، ولنفرض أيضا أن قرارا سياسيا خارجيا، ليس من واشنطن هذه المرة بل من الرياض (مثلا)، تم اتخاذه لتغيير المناهج الدراسية لدينا، فهل من المنطقي أن نتوقع سماع هذه الأصوات التي تدعو إلى عدم التدخل بشؤوننا الداخلية؟!
ثانيا، وهذا هو الأهم، المجتمع الذي نعيش فيه هو المعني الأول والأخير بعملية إصلاح التعليم، ورغم ذلك لا يزال هذا المجتمع غارقا في سلبية غبية لا يستطيع التخلص منها! إنه مجتمع تسيّره قوى أخرى، ترسم له مساره وتقول له سر فيسير! طبقة التجار تحدد له ماذا يشتري، ورجال الدين يحددون له كيف يعيش وبماذا يعتقد!
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق