· لو طلبت منك أن ترسم صورة مثالية للمناهج الدراسية، فماذا تقول؟
- المثالية مرحلة متقدمة جدا، وهي بلاشك تكنيك سيكولوجي مهم لحث الآخرين على تغيير الواقع، لكن كل ما نريده في الوقت الراهن هو أن تتضمن مناهجنا الدراسية قدرا معقولا من نتاج الفكر الإنساني، بدلا من أن تقتصر فقط على كتب التراث وعالم الأرواح وما وراء الطبيعة! إذا كان أحد الأهداف الأساسية هو أن نربي أبناءنا على الفضيلة، فإن هذه الفضيلة ليست حكرا على التراث العربي والإسلامي! الفضيلة تجدها أيضا عند "كيخوته"، و"أليوشا"، و"هاملت"، و"فارتر"، وحتى "فاوست"! ومع ذلك، ليس في وسعك أن تجد هذه الشخصيات الخالدة في مناهجنا الدراسة، بل في مكتبة مهجورة في منطقة حولي، هذا إن حالفك الحظ أو إذا كانت لديك رغبة في إزاحة الغبار المتراكم عنها
· ما السبب في ذلك يا ترى؟
- السبب موثق في تراثنا، فهذه الأمة لم تبرأ بعد من النرجسية، إذ ما زلنا نؤمن واهمين أننا خير الأمم وأرفعهن منزلة، ومن يحسن الظن في نفسه إلى هذا الحد، لا يبحث عن الفضيلة عند الآخرين!
· ما المادة الدراسية التي تتمنى أن تضاف إلى المنهج الدراسي؟
- لدي رغبة لا تقاوم في الحذف أكثر من رغبتي في الإضافة، لكن كي أجيب عن سؤالك، أتمنى فعلا وجود مادة دراسية تتناول أخلاقيات المرور وفن القيادة، وأن تقرر على طلبة الثانوية العامة على وجه الخصوص· ليست لدي صورة واضحة عن محتوى هذه المادة وكيفية عرضها، لكن بإمكاني أن أتخيل ذلك، فعلى سبيل المثال، من الممكن عرض أفلام وثائقية في الفصل عن مخاطر السرعة الفائقة، ومحاولة شرح العوامل التي تساهم في القيادة الجنونية (كالموسيقى الصاخبة - مثلا)· ما المانع في تنظيم رحلات دورية لطلبة الثانوية العامة لزيارة مستشفى العظام ومشاهدة ضحايا السرعة الفائقة والقيادة الجنونية! من يدري، قد يساهم الخوف من الموت في تقليص ضحايا المرور!
· هل تعتقد فعلا أن من يقود سيارته بسرعة جنونية لا يهاب الموت؟
- من لا يهاب الموت لا يدرك قيمة الحياة! دعني أوضح هذه النقطة، هناك ظواهر متزامنة في المجتمع الذي نعيش فيه، وقد تبدو هذه الظواهر متباينة ولا رابط فيما بينها، لكن لو دققنا قليلا فإننا قد نعثر على المحرك الأساسي لكل هذه الظواهر! قد تقرأ في جريدة الصباح خبرا عن حادث مروري مروع نتيجة السرعة الجنونية، ثم تقرأ خبرا آخر عن ذهاب مجموعة من الشباب إلى العراق لمحاربة قوات الاحتلال، ثم تقرأ خبرا ثالثا عن عراك بين مراهقين بدأ بمشكلة بسيطة وانتهى بجريمة قتل! للوهلة الأولى، قد تبدو هذه المجموعة من الأخبار غير مرتبطة ببعضها البعض، لكن ماذا لو حاولنا أن نبحث عن العامل المشترك لكل هذه الظواهر؟
· وما هو هذا العامل المشترك في رأيك؟
- العامل المشترك هو الفشل في إدراك قيمة الحياة! عندما تدفع الأيديولوجية المسيطرة على عقول الناس باتجاه الزهد في الحياة وحب الموت لأي سبب كان، فإن فكرة حب الحياة وإدراك قيمتها تصبح فكرة مستعصية وغير مفهومة! باستطاعتي أن أفهم المصوغات التي تدفع إلى كبت غريزة الجنس في مجتمع محافظ، لكني ما زلت لا أستوعب كيف يحاربون غريزة حب البقاء! اقرأ منهج التربية الإسلامية أو استمع لخطبة دينية، افعل ذلك ولسوف تجد صورة مظلمة عن مفهوم "الحياة الدنيا"! إنهم مشغولون بإعداد أبنائنا لمرحلة ما بعد الموت، أما الحياة فليست سوى دار فانية! عندما تكون الحياة رخيصة إلى هذه الدرجة، كيف لا يسرع المجنون، ويجاهد المخدوع، ويقتل المعتوه؟!
انتهت سلسلة "حوار مع الذات"·
- المثالية مرحلة متقدمة جدا، وهي بلاشك تكنيك سيكولوجي مهم لحث الآخرين على تغيير الواقع، لكن كل ما نريده في الوقت الراهن هو أن تتضمن مناهجنا الدراسية قدرا معقولا من نتاج الفكر الإنساني، بدلا من أن تقتصر فقط على كتب التراث وعالم الأرواح وما وراء الطبيعة! إذا كان أحد الأهداف الأساسية هو أن نربي أبناءنا على الفضيلة، فإن هذه الفضيلة ليست حكرا على التراث العربي والإسلامي! الفضيلة تجدها أيضا عند "كيخوته"، و"أليوشا"، و"هاملت"، و"فارتر"، وحتى "فاوست"! ومع ذلك، ليس في وسعك أن تجد هذه الشخصيات الخالدة في مناهجنا الدراسة، بل في مكتبة مهجورة في منطقة حولي، هذا إن حالفك الحظ أو إذا كانت لديك رغبة في إزاحة الغبار المتراكم عنها
· ما السبب في ذلك يا ترى؟
- السبب موثق في تراثنا، فهذه الأمة لم تبرأ بعد من النرجسية، إذ ما زلنا نؤمن واهمين أننا خير الأمم وأرفعهن منزلة، ومن يحسن الظن في نفسه إلى هذا الحد، لا يبحث عن الفضيلة عند الآخرين!
· ما المادة الدراسية التي تتمنى أن تضاف إلى المنهج الدراسي؟
- لدي رغبة لا تقاوم في الحذف أكثر من رغبتي في الإضافة، لكن كي أجيب عن سؤالك، أتمنى فعلا وجود مادة دراسية تتناول أخلاقيات المرور وفن القيادة، وأن تقرر على طلبة الثانوية العامة على وجه الخصوص· ليست لدي صورة واضحة عن محتوى هذه المادة وكيفية عرضها، لكن بإمكاني أن أتخيل ذلك، فعلى سبيل المثال، من الممكن عرض أفلام وثائقية في الفصل عن مخاطر السرعة الفائقة، ومحاولة شرح العوامل التي تساهم في القيادة الجنونية (كالموسيقى الصاخبة - مثلا)· ما المانع في تنظيم رحلات دورية لطلبة الثانوية العامة لزيارة مستشفى العظام ومشاهدة ضحايا السرعة الفائقة والقيادة الجنونية! من يدري، قد يساهم الخوف من الموت في تقليص ضحايا المرور!
· هل تعتقد فعلا أن من يقود سيارته بسرعة جنونية لا يهاب الموت؟
- من لا يهاب الموت لا يدرك قيمة الحياة! دعني أوضح هذه النقطة، هناك ظواهر متزامنة في المجتمع الذي نعيش فيه، وقد تبدو هذه الظواهر متباينة ولا رابط فيما بينها، لكن لو دققنا قليلا فإننا قد نعثر على المحرك الأساسي لكل هذه الظواهر! قد تقرأ في جريدة الصباح خبرا عن حادث مروري مروع نتيجة السرعة الجنونية، ثم تقرأ خبرا آخر عن ذهاب مجموعة من الشباب إلى العراق لمحاربة قوات الاحتلال، ثم تقرأ خبرا ثالثا عن عراك بين مراهقين بدأ بمشكلة بسيطة وانتهى بجريمة قتل! للوهلة الأولى، قد تبدو هذه المجموعة من الأخبار غير مرتبطة ببعضها البعض، لكن ماذا لو حاولنا أن نبحث عن العامل المشترك لكل هذه الظواهر؟
· وما هو هذا العامل المشترك في رأيك؟
- العامل المشترك هو الفشل في إدراك قيمة الحياة! عندما تدفع الأيديولوجية المسيطرة على عقول الناس باتجاه الزهد في الحياة وحب الموت لأي سبب كان، فإن فكرة حب الحياة وإدراك قيمتها تصبح فكرة مستعصية وغير مفهومة! باستطاعتي أن أفهم المصوغات التي تدفع إلى كبت غريزة الجنس في مجتمع محافظ، لكني ما زلت لا أستوعب كيف يحاربون غريزة حب البقاء! اقرأ منهج التربية الإسلامية أو استمع لخطبة دينية، افعل ذلك ولسوف تجد صورة مظلمة عن مفهوم "الحياة الدنيا"! إنهم مشغولون بإعداد أبنائنا لمرحلة ما بعد الموت، أما الحياة فليست سوى دار فانية! عندما تكون الحياة رخيصة إلى هذه الدرجة، كيف لا يسرع المجنون، ويجاهد المخدوع، ويقتل المعتوه؟!
انتهت سلسلة "حوار مع الذات"·
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق