ماذا أقول له؟ من المؤكد أن هذا السؤال خطر في بال "شيشرون"، خطيب روما الشهير، قبل أن يشرع في كتابة مؤلفه القيم "في الواجبات"، وهو الكتاب الذي أعده خصيصا لولده "ماركوس"، مسديا إياه أعظم النصائح وأرقاها منزلة! شيشرون، في واقع الأمر، لم يكن يخاطب ابنه وحده، بل جيل الشباب من أبناء روما، أما الكبار فميؤوس منهم! رحل "شيشرون" وولى زمانه، لكن السؤال ما زال قائما: ماذا أقول له؟
عندما يعود ابنك من المدرسة، ويباغتك بالسؤال التالي: "أبي، لماذا خلق الله سبع سموات بدلا من سماء واحدة مثلا؟" إذا كنت لا تعاني من غربة فكرية في هذا المجتمع الذي تعيش فيه، فلن يشكل السؤال أي معضلة بالنسبة لك، فقد تحاول أن تتذكر خطبة الجمعة الماضية كي تأتي بإجابة جاهزة عن سؤال ابنك، أو ربما تلجأ الى طريقة الزجر والنهي عن طرح مثل هذه "الأسئلة الفاسدة"! لكن ماذا لو كنت تعاني فعلا من عزلة فكرية؟ في هذه الحالة، سؤال "شيشرون" سيطوف كالشبح المخيف في خيالك: ماذا أقول له؟ لو حاولت أن تبين له أن السؤال الحقيقي لا يكمن في الرقم 7، فإنك عندها تحجز لولدك تذكرة الى عالم العزلة المريع الذي تقطن فيه، وهي خطيئة لا تغتفر!
عندما تذهب في نزهة مع عائلتك في عطلة نهاية الأسبوع، ويشاهد ابنك بنيانا ضخما يعلوه صليب، ثم ينظر إليك متسائلا: "أبي، ما هذا؟"، وتجيبه قائلا: "هذه كنيسة يصلي فيها المسيحيون"، فيعلق بكل براءة: "يعني مشركين؟!"، فماذا بوسعك أن تجيب؟ لو كنت في انسجام تام مع هذا المجتمع الذي تعيش فيه، فلن تتردد في إطلاق "نعم" كبيرة وبضمير مرتاح أيضا! لكن لو كنت أبا شيشرونيا، فإن السؤال العنيد سيلقي بظلاله الثقيلة من جديد: ماذا أقول له؟ لو قررت أن تشرح له أن مفهوم الإنسانية أوسع أفقا وأكثر رحابة من مفهوم الأيديولوجية الضيقة، فإنك بذلك تلقي بطوق العزلة حول رقبة ابنك المسكين، وهذه أيضا خطيئة لا تغتفر!
ما أتعس حظك أيها الأب الشيشروني، ستظل أسير العزلة ما حييت، وهي عزلة ستنال من علاقتك بأقرب الناس إليك، ولسوف يمطرك أبناؤك بوابل من الأسئلة الثقيلة، ولسوف تردد بيأس بالغ: ماذا أقول لهم؟! الأب الشيشروني يدفع ضريبة كل كتاب قرأه، وكل سؤال تجرأ في طرحه، وكل فكرة جديدة خطرت في باله، وهذه كلها خطايا لا تغتفر!!
عندما يعود ابنك من المدرسة، ويباغتك بالسؤال التالي: "أبي، لماذا خلق الله سبع سموات بدلا من سماء واحدة مثلا؟" إذا كنت لا تعاني من غربة فكرية في هذا المجتمع الذي تعيش فيه، فلن يشكل السؤال أي معضلة بالنسبة لك، فقد تحاول أن تتذكر خطبة الجمعة الماضية كي تأتي بإجابة جاهزة عن سؤال ابنك، أو ربما تلجأ الى طريقة الزجر والنهي عن طرح مثل هذه "الأسئلة الفاسدة"! لكن ماذا لو كنت تعاني فعلا من عزلة فكرية؟ في هذه الحالة، سؤال "شيشرون" سيطوف كالشبح المخيف في خيالك: ماذا أقول له؟ لو حاولت أن تبين له أن السؤال الحقيقي لا يكمن في الرقم 7، فإنك عندها تحجز لولدك تذكرة الى عالم العزلة المريع الذي تقطن فيه، وهي خطيئة لا تغتفر!
عندما تذهب في نزهة مع عائلتك في عطلة نهاية الأسبوع، ويشاهد ابنك بنيانا ضخما يعلوه صليب، ثم ينظر إليك متسائلا: "أبي، ما هذا؟"، وتجيبه قائلا: "هذه كنيسة يصلي فيها المسيحيون"، فيعلق بكل براءة: "يعني مشركين؟!"، فماذا بوسعك أن تجيب؟ لو كنت في انسجام تام مع هذا المجتمع الذي تعيش فيه، فلن تتردد في إطلاق "نعم" كبيرة وبضمير مرتاح أيضا! لكن لو كنت أبا شيشرونيا، فإن السؤال العنيد سيلقي بظلاله الثقيلة من جديد: ماذا أقول له؟ لو قررت أن تشرح له أن مفهوم الإنسانية أوسع أفقا وأكثر رحابة من مفهوم الأيديولوجية الضيقة، فإنك بذلك تلقي بطوق العزلة حول رقبة ابنك المسكين، وهذه أيضا خطيئة لا تغتفر!
ما أتعس حظك أيها الأب الشيشروني، ستظل أسير العزلة ما حييت، وهي عزلة ستنال من علاقتك بأقرب الناس إليك، ولسوف يمطرك أبناؤك بوابل من الأسئلة الثقيلة، ولسوف تردد بيأس بالغ: ماذا أقول لهم؟! الأب الشيشروني يدفع ضريبة كل كتاب قرأه، وكل سؤال تجرأ في طرحه، وكل فكرة جديدة خطرت في باله، وهذه كلها خطايا لا تغتفر!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق