يدور الحديث منذ مدة حول تعديل المادة الثانية من الدستور الكويتي، وفكرة تعديل أية مادة أو حذفها أمر مقبول شريطة الالتزام بالمادتين 174 و175 من الدستور· المادة الثانية تنص على ما يلي: "دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع·" الجدل القائم ينحصر في إمكانية إضافة ال التعريف إلى كلمة "مصدر"، إلا أن هناك، في تقديري، أكثر من سبب حقيقي يدفعنا إلى التفكير جديا في حذف المادة الثانية من الدستور·
أول هذه الأسباب يتمثل في تعريف دولة الكويت حسب ما جاء في الدستور، و يدرك أهل القانون أهمية صياغة أي تعريف و ما يترتب على تلك الصياغة، فالكويت هي دولة عربية مستقلة وشعبها جزء من الأمة العربية وفقا للمادة الأولى، وعليه فإن الكويت يمكن أن توصف بأنها دولة قومية، لكن لا يمكن وصفها إطلاقا بأنها دولة دينية، ذلك أن التعريف المبين في المادة الأولى لا يتضمن هذه الصفة·
إذا كانت الكويت دولة غير دينية، و هي كذلك بالفعل حسب الدستور، فإن من شأن ذلك أن يقودنا إلى سبب آخر للتفكير جديا بحذف المادة الثانية من الدستور، إذ إن أية دولة تصف نفسها بأنها دولة غير دينية تقع في تناقض صارخ حين تقرر أن دينها هو الدين الفلاني! الدولة الديمقراطية غير الدينية تدرك تماما أن الدين خاص بالأفراد لا بالسلطة من حيث هي نظام حكم، و الدولة الديمقراطية غير الدينية لا تقوم على الدين بل تكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع أفرادها·
حذف المادة الثانية من الدستور من شأنه إغلاق الباب نهائيا بوجه من اعتادوا المتاجرة بالدين لأغراض سياسية، و من شأنه أيضا أن يضفي مرونة أكثر على بقية مواد الدستور باتجاه اكتساب المزيد من الحريات!
ملاحظة: قبل كتابة هذا المقال، اطلعت على دساتير دول أخرى غير دينية، مثل إسبانيا و فرنسا و المكسيك، و لم أعثر إطلاقا على عبارة: "دين الدولة كذا···"! في الدستور الإسباني، على سبيل المثال، ورد ذكر الكنيسة الكاثوليكية مرة واحدة فقط، و كان ذلك على هذا النحو تحديدا: "لا يجوز لأي معتقد ديني أن يكتسب صفة تشريعية· السلطة التشريعية، (ممثلة بالشعب)، تأخذ في الاعتبار المعتقدات الدينية للمجتمع الإسباني وتحافظ على علاقة تعاون مع الكنيسة الكاثوليكية و المعتقدات الأخرى"· (الدستور الإسباني، المادة 16، الفقرة 3·) الدستور الفرنسي، بدوره، يورد كلمة "دين" مرة واحدة فقط، و ذلك في المادة الأولى، في سياق تأكيده على مبدأ العدالة و أن المواطنين جميعهم سواسية أمام القانون من دون التمييز من حيث الأصل أو العرق أو الدين!
أول هذه الأسباب يتمثل في تعريف دولة الكويت حسب ما جاء في الدستور، و يدرك أهل القانون أهمية صياغة أي تعريف و ما يترتب على تلك الصياغة، فالكويت هي دولة عربية مستقلة وشعبها جزء من الأمة العربية وفقا للمادة الأولى، وعليه فإن الكويت يمكن أن توصف بأنها دولة قومية، لكن لا يمكن وصفها إطلاقا بأنها دولة دينية، ذلك أن التعريف المبين في المادة الأولى لا يتضمن هذه الصفة·
إذا كانت الكويت دولة غير دينية، و هي كذلك بالفعل حسب الدستور، فإن من شأن ذلك أن يقودنا إلى سبب آخر للتفكير جديا بحذف المادة الثانية من الدستور، إذ إن أية دولة تصف نفسها بأنها دولة غير دينية تقع في تناقض صارخ حين تقرر أن دينها هو الدين الفلاني! الدولة الديمقراطية غير الدينية تدرك تماما أن الدين خاص بالأفراد لا بالسلطة من حيث هي نظام حكم، و الدولة الديمقراطية غير الدينية لا تقوم على الدين بل تكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع أفرادها·
حذف المادة الثانية من الدستور من شأنه إغلاق الباب نهائيا بوجه من اعتادوا المتاجرة بالدين لأغراض سياسية، و من شأنه أيضا أن يضفي مرونة أكثر على بقية مواد الدستور باتجاه اكتساب المزيد من الحريات!
ملاحظة: قبل كتابة هذا المقال، اطلعت على دساتير دول أخرى غير دينية، مثل إسبانيا و فرنسا و المكسيك، و لم أعثر إطلاقا على عبارة: "دين الدولة كذا···"! في الدستور الإسباني، على سبيل المثال، ورد ذكر الكنيسة الكاثوليكية مرة واحدة فقط، و كان ذلك على هذا النحو تحديدا: "لا يجوز لأي معتقد ديني أن يكتسب صفة تشريعية· السلطة التشريعية، (ممثلة بالشعب)، تأخذ في الاعتبار المعتقدات الدينية للمجتمع الإسباني وتحافظ على علاقة تعاون مع الكنيسة الكاثوليكية و المعتقدات الأخرى"· (الدستور الإسباني، المادة 16، الفقرة 3·) الدستور الفرنسي، بدوره، يورد كلمة "دين" مرة واحدة فقط، و ذلك في المادة الأولى، في سياق تأكيده على مبدأ العدالة و أن المواطنين جميعهم سواسية أمام القانون من دون التمييز من حيث الأصل أو العرق أو الدين!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق