صياغة القانون، أي قانون، تحتاج الى إعمال للفكر، ولهذا السبب بالتحديد تعتبر هذه الفكرة سمة المجتمعات المتحضرة، كما أن تفعيل هذا القانون يشكل الحجر الأساس لكل مجتمع مدني، عندما يغيب (لك أن تشدد الياء إن شئت!) القانون، تلجأ المجتمعات عادة الى العرف السائد أو الى الموروث الديني لتغطية قصورها الفكري، سأقدم مثالين فقط لحالتين يغيب فيهما القانون في مجتمعنا الكويتي·
المثال الأول يتلخص في العلاقة بين الخادم والمخدوم، فهذه العلاقة لا يحكمها القانون بل العرف السائد، الخادم الذي يحمل هوية سائق - مثلا - يقوم بعشرات الوظائف الأخرى من دون مقابل مادي! أضف الى ذلك أن نظام الإجازات وتحديد ساعات العمل مرهونان بمزاج رب الأسرة، ورب الأسرة في الكويت عادة ما يكون عبدا للعرف السائد!
المثال الآخر يتعلق بحرية الاعتقاد، وحرية الاعتقاد مكفولة كما ينص الدستور، لكن في ظل غياب القانون أصبح الموروث الديني هو الحكم في هذه المسألة الحساسة، وعندما يسود الموروث الديني ويترسخ في وعي المجتمع، لا يكون بوسع المرء عندها سوى أن يختار طريق السلامة! (ملاحظة: هذه الفقرة صغيرة جدا، لكنها ستطول يوما ما!)·
هذان مثالان لحالتين يغيب فيهما القانون عندنا في الكويت، وإني لأتساءل عن بقية عدد الحالات الأخرى وهل في الإمكان حصرها؟ أفهم أن يقال هذا "حلال" أو "حرام" ما وراء حدودنا الجنوبية، فهناك دولة تحكمها الشريعة كما يقال، لكني لا أفهم هذا الإصرار المتعمد على ترديد هذين المصطلحين في دولة مثل الكويت·
كم مضى من الوقت لم نسمع فيه أحدا يقول هذا "قانوني" وهذا "غير قانوني"، ففي نهاية المطاف نحن في دولة يحكمها الدستور، أليس كذلك؟!
الاثنين، 6 يوليو 2009
عندما يغيب القانون!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
الطليعة 9 يونيو 2004
إرسال تعليق