المشهد الأول:
نحن في بريطانيا. طفل يسأل أمّه: 'ماما، لماذا السماء زرقاء؟' الأم ترتبك، فهي لا تعرف كيف تجيب، لكنها مع ذلك تسارع إلى اختراع إجابة على النحو التالي: 'اسمع يا حبيبي، السماء زرقاء لأن البحر أزرق، فعندما تسقط أشعة الشمس على سطح البحر، ينعكس اللون الأزرق إلى أعلى فتبدو السماء زرقاء'! الطفل يصدّق ما سمعه من أمّه، وأما الأم فتبدو مسرورة لأنها استطاعت التخلص من هذا السؤال الصعب!
المشهد الثاني:
نحن في الكويت. طفلة تسأل أباها: 'بابا، لماذا السماء زرقاء؟' الأب لا يكلّف نفسه النظر إلى طفلته، ومع ذلك يجيب بكل ثقة: 'السماء زرقاء لأنها هكذا خُلقت، فهذه مشيئة الله'. الطفلة تصمت محتارة، فهي تلاحظ أن إجابة أبيها لا تتغيّر مهما تعددت الأسئلة التي تطرحها عليه، وأما الأب فيخلد إلى النوم بضمير مرتاح!
تعليق:
فضول الأطفال بلا حدود، وهم يعبّرون عن هذا الفضول من خلال الكم الهائل من الأسئلة التي يطرحونها، لكننا لا نتورع عن قتل هذا الفضول عن طريق اختلاق قصص واهية أو اللجوء إلى إجابات جاهزة! في المشهد الأول، كبرياء الأم كان أقوى من حرصها على تقديم معلومة صحيحة إلى طفلها، لذا لم تجد هذه الأم حرجاً في اختلاق قصة من نسج خيالها، فلا ينبغي أن يكتشف صغيرها أنها جاهلة! في المشهد الثاني، لا يملك الأب سوى إجابة واحدة لكل سؤال يخطر في عقل طفلته، وعندما تكون هناك إجابة واحدة عن كل الأسئلة، فإن فكرة طرح سؤال جديد تصبح غير ضرورية، لأن الإجابة معروفة سلفا، والنتيجة هي قتل الفضول واستئصاله!
عندما يطرح الأطفال سؤالاً لا نملك إجابة عنه، فإن أمامنا خيارين: إما أن نتقاسم مع أطفالنا فضولهم ودهشتهم عن طريق الاعتراف بجهلنا، وإما أن نتقاسم معهم جهلنا وغباءنا من خلال التظاهر بالمعرفة! الخيار الثاني هو السائد رغم مضاره، والخيار الأول هو الغائب رغم فوائده!
صحيح، لماذا السماء زرقاء؟ تعترف لطفلك بأنك لا تملك إجابة، لكنك تؤكد له أن السؤال مهم ويستحق البحث وتقصي الحقائق! تقترح عليه الذهاب معاً إلى المكتبة، ففي المكتبة كنوز من المعرفة! تقرآن معا كتاباً علمياً للأطفال فيه إجابة شافية، فيتعرّف طفلك على حقائق علمية تناسب عمره، فالأرض لها غلاف جوي مليء بالغازات وبخار الماء وذرات الغبار، وضوء الشمس له طيف من الألوان، منها الأحمر والأصفر والأزرق، بعضها يخترق الغلاف الجوي، وبعضها يتم امتصاصه ثم تشتيته في كل الاتجاهات، والسبب في أن لون السماء أزرق هو أن هذا اللون هو الذي يتم امتصاصه وتشتيته في كل الاتجاهات! سيكبر طفلك، وستكبر معه الإجابة، فيتعرف على سرعة الضوء، ويقيس طول الموجة، ويسمع لأول مرة اسم عالم الفيزياء الإنكليزي اللورد Rayleigh!
لكن الفضول في طلب المعرفة لن يتوقف عند هذا الحد، فبالرغم من أن الإجابة تبدو مقنعة، فإنها تدفع أيضاً إلى طرح أسئلة أخرى! مثلاً، إذا كان وجود الغلاف الجوي سبباً في كون السماء زرقاء، فكيف سيكون لون السماء في حال افترضنا عدم وجود هذا الغلاف؟ ستشعر بمتعة لا تضاهى وأنت ترى الدهشة ترتسم على وجه طفلك حينما يعرف الإجابة، فالسماء ستستحيل سوداء، وأما الشمس فبيضاء، وهذا بالضبط ما يراه رجال الفضاء في رحلتهم خارج الغلاف الجوي!
سألك طفلك سؤالاً ينم عن دهشة وفضول، فلم تحاول أن تخفي جهلك، بل تقاسمت معه الدهشة والفضول، ثم اقترحت الذهاب إلى المكتبة، وهو اقتراح ساهم في لفت انتباه طفلك إلى أهمية السؤال أولاً، وأهمية المكتبة ثانياً! لقد زرعت في قلب طفلك حب المعرفة لأنك لم تبخسه حقه في أن يسأل: 'لماذا السماء زرقاء؟'.
نحن في بريطانيا. طفل يسأل أمّه: 'ماما، لماذا السماء زرقاء؟' الأم ترتبك، فهي لا تعرف كيف تجيب، لكنها مع ذلك تسارع إلى اختراع إجابة على النحو التالي: 'اسمع يا حبيبي، السماء زرقاء لأن البحر أزرق، فعندما تسقط أشعة الشمس على سطح البحر، ينعكس اللون الأزرق إلى أعلى فتبدو السماء زرقاء'! الطفل يصدّق ما سمعه من أمّه، وأما الأم فتبدو مسرورة لأنها استطاعت التخلص من هذا السؤال الصعب!
المشهد الثاني:
نحن في الكويت. طفلة تسأل أباها: 'بابا، لماذا السماء زرقاء؟' الأب لا يكلّف نفسه النظر إلى طفلته، ومع ذلك يجيب بكل ثقة: 'السماء زرقاء لأنها هكذا خُلقت، فهذه مشيئة الله'. الطفلة تصمت محتارة، فهي تلاحظ أن إجابة أبيها لا تتغيّر مهما تعددت الأسئلة التي تطرحها عليه، وأما الأب فيخلد إلى النوم بضمير مرتاح!
تعليق:
فضول الأطفال بلا حدود، وهم يعبّرون عن هذا الفضول من خلال الكم الهائل من الأسئلة التي يطرحونها، لكننا لا نتورع عن قتل هذا الفضول عن طريق اختلاق قصص واهية أو اللجوء إلى إجابات جاهزة! في المشهد الأول، كبرياء الأم كان أقوى من حرصها على تقديم معلومة صحيحة إلى طفلها، لذا لم تجد هذه الأم حرجاً في اختلاق قصة من نسج خيالها، فلا ينبغي أن يكتشف صغيرها أنها جاهلة! في المشهد الثاني، لا يملك الأب سوى إجابة واحدة لكل سؤال يخطر في عقل طفلته، وعندما تكون هناك إجابة واحدة عن كل الأسئلة، فإن فكرة طرح سؤال جديد تصبح غير ضرورية، لأن الإجابة معروفة سلفا، والنتيجة هي قتل الفضول واستئصاله!
عندما يطرح الأطفال سؤالاً لا نملك إجابة عنه، فإن أمامنا خيارين: إما أن نتقاسم مع أطفالنا فضولهم ودهشتهم عن طريق الاعتراف بجهلنا، وإما أن نتقاسم معهم جهلنا وغباءنا من خلال التظاهر بالمعرفة! الخيار الثاني هو السائد رغم مضاره، والخيار الأول هو الغائب رغم فوائده!
صحيح، لماذا السماء زرقاء؟ تعترف لطفلك بأنك لا تملك إجابة، لكنك تؤكد له أن السؤال مهم ويستحق البحث وتقصي الحقائق! تقترح عليه الذهاب معاً إلى المكتبة، ففي المكتبة كنوز من المعرفة! تقرآن معا كتاباً علمياً للأطفال فيه إجابة شافية، فيتعرّف طفلك على حقائق علمية تناسب عمره، فالأرض لها غلاف جوي مليء بالغازات وبخار الماء وذرات الغبار، وضوء الشمس له طيف من الألوان، منها الأحمر والأصفر والأزرق، بعضها يخترق الغلاف الجوي، وبعضها يتم امتصاصه ثم تشتيته في كل الاتجاهات، والسبب في أن لون السماء أزرق هو أن هذا اللون هو الذي يتم امتصاصه وتشتيته في كل الاتجاهات! سيكبر طفلك، وستكبر معه الإجابة، فيتعرف على سرعة الضوء، ويقيس طول الموجة، ويسمع لأول مرة اسم عالم الفيزياء الإنكليزي اللورد Rayleigh!
لكن الفضول في طلب المعرفة لن يتوقف عند هذا الحد، فبالرغم من أن الإجابة تبدو مقنعة، فإنها تدفع أيضاً إلى طرح أسئلة أخرى! مثلاً، إذا كان وجود الغلاف الجوي سبباً في كون السماء زرقاء، فكيف سيكون لون السماء في حال افترضنا عدم وجود هذا الغلاف؟ ستشعر بمتعة لا تضاهى وأنت ترى الدهشة ترتسم على وجه طفلك حينما يعرف الإجابة، فالسماء ستستحيل سوداء، وأما الشمس فبيضاء، وهذا بالضبط ما يراه رجال الفضاء في رحلتهم خارج الغلاف الجوي!
سألك طفلك سؤالاً ينم عن دهشة وفضول، فلم تحاول أن تخفي جهلك، بل تقاسمت معه الدهشة والفضول، ثم اقترحت الذهاب إلى المكتبة، وهو اقتراح ساهم في لفت انتباه طفلك إلى أهمية السؤال أولاً، وأهمية المكتبة ثانياً! لقد زرعت في قلب طفلك حب المعرفة لأنك لم تبخسه حقه في أن يسأل: 'لماذا السماء زرقاء؟'.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق