في يوم الجمعة الماضية، نشرت جريدة «الجريدة» خبراً تضمن بعض التصريحات غير الموفقة من قبل وكيل ديوان المحاسبة السيد عبدالعزيز الرومي، إذ أكد الوكيل أنه في حال إحالة مشروع المصفاة إلى ديوان المحاسبة، فإن المسؤولين في الديوان سيتبعون «سياسة الرقابة اللاحقة، وهي التي تجرى بعد الارتباط أو الصرف وبهذا تستنفد الخطوات الاحترازية والتي تقي وزارة النفط من أي شبهات مالية». إذا صحّ ما ذكره الوكيل، فإن كلامه يدل على تقاعس الديوان في أداء دوره الرقابي، فالقانون رقم 30 لسنة 1964، والخاص بإنشاء ديوان المحاسبة، يمنح ديوان المحاسبة ضمن المادتين (19) و(26) الحق في «فحص الأوجه التي تستثمر فيها أموال الدولة، ومراجعة حسابات هذه الاستثمارات، وإبداء ما يعن له من ملاحظات في هذا الشأن»، كما يمنحه الحق في أن يباشر «اختصاصاته عن طريق التفتيش والفحص والمراجعة، ويجوز أن يكون التفتيش مفاجئا»ً.
كما أن القانون سالف الذكر يلزم ديوان المحاسبة، ضمن البند الرابع من المادة الخامسة، أن يباشر الرقابة المسبقة على المؤسسات التي تساهم فيها الدولة بنسبة لا تقل عن 50 في المئة من رأسمالها، وانخفضت هذه النسبة لاحقا إلى ما لا يقل عن 25 في المئة بعد صدور القانون رقم (1) لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة، وهو القانون الذي يمنح ديوان المحاسبة صلاحية أكبر في ممارسة دوره الرقابي، ومن المفترض أن يكون هذا الدور الرقابي ملموسا بشكل واضح بعد إعادة تشكيل الهيكل التنظيمي للديوان في عام 2005 وإنشاء قطاع مختص بالرقابة على استثمارات الدولة داخل البلاد وخارجها!
يقول السيد الرومي أيضا ضمن تصريحاته: «إن بناء مصفاة رابعة ليس لأغراض اقتصادية بحتة، بل ضرورة ملحة لأهميتها الاستراتيجية والبيئية، وديوان المحاسبة جهة محايدة يثق بها الجميع، كما أن الشبهات التي أثيرت حول المشروع تستدعي إحالته من قبل وزير النفط بصفة شخصية ليرفع الشبهات التي حامت حول القائمين عليه».
السيد الوكيل لم يتردد في تقييم المشروع تقييما إيجابيا قبل عرضه على ديوان المحاسبة، وكان الأجدر بالسيد الوكيل أن يمارس صلاحياته الرقابية المسبقة قبل أن يبدي رأيه حول أهمية المشروع «الاستراتيجية والبيئية»! ثم إن دور ديوان المحاسبة لا يتمثل في «رفع الشهبات التي حامت حول القائمين» على المشروع، كما يزعم الوكيل، بل إن دوره ينحصر في التحقق من مدى صحة هذه الشبهات، والفرق بين الأمرين كبير جداً!
أخيراً، يضيف السيد الرومي قائلا: «مهمة الديوان هي أن يدلي بدلوه في هذا الأمر وسنسعى إلى إنجاز المشروع وعدم تعطيله وسنقدم تقريرنا في الوقت المناسب». كيف سيسعى الوكيل إلى إنجاز المشروع وعدم تعطيله قبل التحقق أولاَ من سلامة المشروع؟ ماذا لو كان المشروع فاسدا بامتياز، وهو أمر غير مستبعد؟!
لست أشك في نزاهة السيد الوكيل أو الجهة التي يمثلها على الإطلاق، ولكني أشير فقط إلى أن السيد الوكيل لم يوفق في تصريحاته الأخيرة، وأتمنى أن أكون مخطئاً!
الخميس، 30 يوليو 2009
المصفاة الرابعة ووكيل ديوان المحاسبة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق