«إن الأحزاب الدينية في معظمها ليست مؤمنة بالديموقراطية، ونوابها في الأغلب عندما يشاركون في الانتخابات ويؤدون القسم الدستوري باحترام الدستور فإنهم في واقع الحال (يعنون بالدستور) «فقط» الجانب الانتخابي والبرلماني، ولكنهم غير مؤمنين بما نص عليه الدستور في المادة الثانية «الشريعة مصدر رئيسي للتشريع»، إنما يريدون أن تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريع أي يريدون الكويت دولة دينية، ولا يؤمنون بنص المادة السادسة من الدستور «إن نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة» وهم يتجنبون كلمة «الديموقراطية».
أحمد الديين، ضمن ندوة «الكويت ودولة طالبان» بديوان المنيس، الطليعة، 26 مايو 2004، العدد 1629.
«لعلّ هاتين التجربتين من الكويت (الحركة الدستورية الإسلامية و حزب الأمة) تستحقان الرصد والمتابعة، لما شكلتاه من إرهاصات ومبادرات رائدة لتأسيس أحزاب وحركات سياسية إسلامية جديدة... وذلك على أمل أن تتأسس في بلداننا العربية أحزاب ديموقراطية إسلامية جديدة، مثلما هي الأحزاب الديموقراطية المسيحية في بعض بلدان أوروبا وأميركا اللاتينية، لا تكون أحزاباً دينية أو وصية على الدين، ولكنها أحزاب سياسية ديموقراطية تستمد قيمها من مبادئ الدين الإسلامي...»
أحمد الديين، من مقال («حدس» تجربة حزب إسلامي من الكويت)، صحيفة «الوقت»، 3 فبراير 2007، العدد 348.
ربما لمس القارئ تناقضا بين الاقتباسين أعلاه، ولكني في واقع الأمر لا أجد تناقضا، بل تفاؤلاً غير مبرر، والمتابع لكتابات الأستاذ الفاضل «أحمد الديين» يلاحظ أن حدة النبرة تجاه التيارات الدينية بدأت تخف بشكل كبير، ولا أدري على وجه التحديد إن كانت الدعوة الشخصية التي تلقاها «الديين» لحضور ملتقى «حدس» في الشتاء الماضي، وهي خطوة إيجابية غير مسبوقة في تاريخ «حدس»، أقول لا أدري إن كانت تلك الدعوة سبباً أم نتيجة لتخفيف حدة النبرة تجاه التيارات الدينية. على أي حال، ما يعنيني هنا هو معرفة أسباب هذا التفاؤل تجاه تيارات دينية مثل «حدس» و«حزب الأمة»، فكلاهما كان ومازال يعلن هدفا واضحا، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، ولم يطرأ حتى هذه اللحظة أي تغير على النظرة المعادية والمتآمرة على القوانين الوضعية المتمثلة بدستور 62، بل إن النظام الأساسي لحزب الأمة، مثلا، لم يشر ولو حتى لمرة واحدة إلى كلمة «الدستور»، بينما تهدف الحركة الدستورية الإسلامية إلى «تعديل الدستور الكويتي سعياً إلى تطبيق أمثل لمبادئ وقواعد الإسلام السامية»!
ضمن ندوة «الأحزاب السياسية» التي عقدت في «جمعية الخريجين» في مايو الماضي، استغرب «الديين» من الذين «يرفضون تأسيس الأحزاب على أساس ديني»، وعلل استغرابه من خلال الإشارة إلى الإسلام كدين للدولة وإلى حقيقة وجود أحزاب مسيحية في الغرب! حجة «الديين» تعتمد في صحتها على افتراض ضمني، ولكنه افتراض خاطئ، لذا فالحجة خاطئة أيضاً. هذا الافتراض المغلوط يشير إلى أن الإسلام و المسيحية متفقان من حيث نظرة كل منهما لدور الدين في الحياة السياسية، وهذا أمر يخالف الواقع، فالأحزاب المسيحية تعمل ضمن إطار سياسي علماني واضح المعالم، بينما لا تكتفي الأحزاب الإسلامية برفض المبدأ العلماني فحسب، بل إنها تحاول أيضا إخضاع مفهوم الدولة الحديثة لمفهوم الدين، ومشاريع القوانين المتعلقة بالعقوبات والضوابط الشرعية لم يمض عليها وقت طويل!
لنفرض أن حزباً مسيحياً، مثل حزب «الاتحاد الديموقراطي المسيحي»، قدم مشروعا إلى البرلمان الألماني يطالب من خلاله بإنزال عقوبة «الحرق حتى الموت» بكل شخص يزاول مهنة السحر، فكيف ستكون ردة الفعل يا ترى؟ من السخافة حتى أن نتخيل حدوث أمر كهذا، ولكن السؤال الأساسي هو: لماذا؟ الجواب مباشر، فالفصل بين الكنيسة والدولة هو أحد أهم ركائز الأنظمة السياسية في الغرب، ومن المستحيل تصور قيام نظام ديموقراطي حقيقي من دون اعتماد مبدأ الفصل بين الدين والدولة.
مازلت أجهل الأسباب التي دفعت «الديين» إلى التفاؤل، ولكني أعلم شيئاً واحداً، ففي ظل عدم وجود اتفاق بين التيارات السياسية حول تحديد الخط الفاصل بين الدين والدولة، فإن هذا التسابق المحموم لتقديم مشاريع قوانين منظمة للأحزاب السياسية سيجر البلد إلى مخاطر لا تحمد عقباها! لو افترضنا حسن النية في نواب المجلس وابتعادهم عن الخوض في صغائر الأمور، فإني أعتقد أن دور الانعقاد المقبل لمجلس الأمة سيشهد جدلاً واسعاً حول دور الدين في الحياة السياسية، إذ إن أي محاولة لتنظيم الأحزاب السياسية ستقود حتماً إلى مناقشة مفهوم «العلمانية»، هذا المفهوم الذي يشتمه بعضهم عن جهل، و يتبرأ منه بعضهم الآخر عن خوف!
أحمد الديين، ضمن ندوة «الكويت ودولة طالبان» بديوان المنيس، الطليعة، 26 مايو 2004، العدد 1629.
«لعلّ هاتين التجربتين من الكويت (الحركة الدستورية الإسلامية و حزب الأمة) تستحقان الرصد والمتابعة، لما شكلتاه من إرهاصات ومبادرات رائدة لتأسيس أحزاب وحركات سياسية إسلامية جديدة... وذلك على أمل أن تتأسس في بلداننا العربية أحزاب ديموقراطية إسلامية جديدة، مثلما هي الأحزاب الديموقراطية المسيحية في بعض بلدان أوروبا وأميركا اللاتينية، لا تكون أحزاباً دينية أو وصية على الدين، ولكنها أحزاب سياسية ديموقراطية تستمد قيمها من مبادئ الدين الإسلامي...»
أحمد الديين، من مقال («حدس» تجربة حزب إسلامي من الكويت)، صحيفة «الوقت»، 3 فبراير 2007، العدد 348.
ربما لمس القارئ تناقضا بين الاقتباسين أعلاه، ولكني في واقع الأمر لا أجد تناقضا، بل تفاؤلاً غير مبرر، والمتابع لكتابات الأستاذ الفاضل «أحمد الديين» يلاحظ أن حدة النبرة تجاه التيارات الدينية بدأت تخف بشكل كبير، ولا أدري على وجه التحديد إن كانت الدعوة الشخصية التي تلقاها «الديين» لحضور ملتقى «حدس» في الشتاء الماضي، وهي خطوة إيجابية غير مسبوقة في تاريخ «حدس»، أقول لا أدري إن كانت تلك الدعوة سبباً أم نتيجة لتخفيف حدة النبرة تجاه التيارات الدينية. على أي حال، ما يعنيني هنا هو معرفة أسباب هذا التفاؤل تجاه تيارات دينية مثل «حدس» و«حزب الأمة»، فكلاهما كان ومازال يعلن هدفا واضحا، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، ولم يطرأ حتى هذه اللحظة أي تغير على النظرة المعادية والمتآمرة على القوانين الوضعية المتمثلة بدستور 62، بل إن النظام الأساسي لحزب الأمة، مثلا، لم يشر ولو حتى لمرة واحدة إلى كلمة «الدستور»، بينما تهدف الحركة الدستورية الإسلامية إلى «تعديل الدستور الكويتي سعياً إلى تطبيق أمثل لمبادئ وقواعد الإسلام السامية»!
ضمن ندوة «الأحزاب السياسية» التي عقدت في «جمعية الخريجين» في مايو الماضي، استغرب «الديين» من الذين «يرفضون تأسيس الأحزاب على أساس ديني»، وعلل استغرابه من خلال الإشارة إلى الإسلام كدين للدولة وإلى حقيقة وجود أحزاب مسيحية في الغرب! حجة «الديين» تعتمد في صحتها على افتراض ضمني، ولكنه افتراض خاطئ، لذا فالحجة خاطئة أيضاً. هذا الافتراض المغلوط يشير إلى أن الإسلام و المسيحية متفقان من حيث نظرة كل منهما لدور الدين في الحياة السياسية، وهذا أمر يخالف الواقع، فالأحزاب المسيحية تعمل ضمن إطار سياسي علماني واضح المعالم، بينما لا تكتفي الأحزاب الإسلامية برفض المبدأ العلماني فحسب، بل إنها تحاول أيضا إخضاع مفهوم الدولة الحديثة لمفهوم الدين، ومشاريع القوانين المتعلقة بالعقوبات والضوابط الشرعية لم يمض عليها وقت طويل!
لنفرض أن حزباً مسيحياً، مثل حزب «الاتحاد الديموقراطي المسيحي»، قدم مشروعا إلى البرلمان الألماني يطالب من خلاله بإنزال عقوبة «الحرق حتى الموت» بكل شخص يزاول مهنة السحر، فكيف ستكون ردة الفعل يا ترى؟ من السخافة حتى أن نتخيل حدوث أمر كهذا، ولكن السؤال الأساسي هو: لماذا؟ الجواب مباشر، فالفصل بين الكنيسة والدولة هو أحد أهم ركائز الأنظمة السياسية في الغرب، ومن المستحيل تصور قيام نظام ديموقراطي حقيقي من دون اعتماد مبدأ الفصل بين الدين والدولة.
مازلت أجهل الأسباب التي دفعت «الديين» إلى التفاؤل، ولكني أعلم شيئاً واحداً، ففي ظل عدم وجود اتفاق بين التيارات السياسية حول تحديد الخط الفاصل بين الدين والدولة، فإن هذا التسابق المحموم لتقديم مشاريع قوانين منظمة للأحزاب السياسية سيجر البلد إلى مخاطر لا تحمد عقباها! لو افترضنا حسن النية في نواب المجلس وابتعادهم عن الخوض في صغائر الأمور، فإني أعتقد أن دور الانعقاد المقبل لمجلس الأمة سيشهد جدلاً واسعاً حول دور الدين في الحياة السياسية، إذ إن أي محاولة لتنظيم الأحزاب السياسية ستقود حتماً إلى مناقشة مفهوم «العلمانية»، هذا المفهوم الذي يشتمه بعضهم عن جهل، و يتبرأ منه بعضهم الآخر عن خوف!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق