لماذا تستكثر السيدة «ليفني» على «حماس» أن يكون لها حلم بقيام دولة فلسطينية حتى لو أدى ذلك إلى اتهام أنصار الحركة بالإرهاب؟ ألم تسلك «إرغون» طريق الإرهاب لإقامة دولة إسرائيل؟ ألم تحتفل إسرائيل في يوليو من عام 2006 بتخليد ذكرى «أبطال إرغون» الذين قدموا «التضحيات» في سبيل إنشاء الدولة العبرية؟
قبل أيام، أعربت وزيرة الخارجية الإسرائيلية «تسيبي ليفني» عن غضبها من المقارنة الظالمة بين إسرائيل و«حماس»، فحسب رأيها إسرائيل دولة مستقلة بينما «حماس» مجرد جماعة إرهابية! ليس عندي أدنى شك في أن الكثير من «المثقفين» العرب يشاطرون «ليفني» رأيها، لكنهم أيضا يشاطرونها تزوير التاريخ وتشويه الحقائق. لست بصدد الدفاع عن «حماس»، فتاريخ هذه الحركة لا يخلو من جرائم دموية، إنما أريد من خلال هذا المقال أن أتوقف قليلا عند غضب السيدة «ليفني» من «حماس»، وأن أدلل على أنه غضب ينطوي على نفاق مخجل!
لنأخذ على سبيل المثال «المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل» والمعروفة بإسم «إرغون»، وهي منظمة راديكالية تأسست في عام 1931، أي قبل نشأة إسرائيل كدولة مستقلة بحوالي 17 عاما. الهدف الرئيسي لتأسيس هذه المنظمة هو قيام دولة إسرائيل، وأما بلوغ هذا الهدف فلن يتحقق إلا من خلال «الكفاح المسلح ضد العرب والبريطانيين»، حسب تعبير مؤسس المنظمة وزعيمها «جابوتينسكي». قامت هذه المنظمة الإرهابية بتفجير فندق «الملك داوود» في القدس في عام 1946، الذي أودى بحياة العشرات من الضحايا المدنيين، ثم ارتكبت مجرزة «دير ياسين» في عام 1948، التي راح ضحيتها أكثر من مئة فلسطيني من الأطفال والنساء والشيوخ، وتفاصيل هذه المجرزة موثقة في سجلات المنظمة نفسها! (لمعرفة تاريخ منظمة «إرغون»، انظر «الموسوعة البريطانية»)
أدانت صحيفة «نيويورك تايمز» آنذاك العمليات الإجرامية لمنطمة «إرغون»، واعتبرها عالم الفيزياء الشهير «آينشتين» منظمة إرهابية، ووصف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق «ونستون تشرشل» أنصار المنظمة بأنهم «أكثر قطاع الطرق قذارة»، ورغم ذلك لم تضع منظمة «إرغون» سلاحها جانبا إلا بعد أن تحقق حلمها في قيام دولة إسرائيل، لتتحول بعد ذلك إلى حزب «حيروت» اليميني المتطرف، ومن ثم إلى حزب «الليكود» الحالي!
لماذا تستكثر السيدة «ليفني» على «حماس» أن يكون لها حلم بقيام دولة فلسطينية حتى لو أدى ذلك إلى اتهام أنصار الحركة بالإرهاب؟ ألم تسلك «إرغون» طريق الإرهاب لإقامة دولة إسرائيل؟ ألم تحتفل إسرائيل في يوليو من عام 2006 بتخليد ذكرى «أبطال إرغون» الذين قدموا «التضحيات» في سبيل إنشاء الدولة العبرية؟ ألم يحتج السفير البريطاني في إسرائيل على تنظيم الاحتفال بسبب دور منظمة «إرغون» في اغتيال حوالي 28 مواطنا بريطانيّا في مدينة القدس قبل أكثر من ستين عاما؟ (انظر صحيفة «التلغراف» البريطانية، تاريخ 21 يوليو 2006)
لعل المفارقة هنا هو أن تخليد إسرائيل لذكرى «أبطال» هذه المنظمة الإرهابية تزامن مع حرب إسرائيل على لبنان بحجة القضاء على «حزب الله» «الإرهابي»، ولكن هناك ما هو أكبر من هذه المفارقة، وهو أن السيدة «ليفني» لم تقتصر على الاحتفاء بتخليد ذكرى تأسيس «إرغون»، بل إنها ترحمّت أيضا على روح أبيها، فوالدها كان رئيس العمليات القتالية في منظمة «إرغون»!
الجمعة، 31 يوليو 2009
ليفني غاضبة من حماس
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق