أدرك أهمية تعاطف الإنسان مع شعبه، لكني أدرك أيضا أن الحقيقة أسمى من كل العواطف مجتمعة، ومن يسلك طريق الإيديولوجية لا يرى سوى ملائكة أو شياطين، ومن يسلك طريق القومية لا يرى سوى وطنيين أو خونة، لكن العقل هو الطريق الوحيد الذي من الممكن أن نصل من خلاله إلى حقيقة خالية من أي ثنائية مزيفة.
هل من المستحيل البحث عن الحقيقة بصرف النظر عن هوية من يمتلكها؟ لماذا تعاني صحافتنا المحلية حالة استقطاب شديد عندما يدور الحديث عن حركة «حماس»؟ لماذا ينبغي الاختيار بين «مع» أو «ضد» قبل محاولة الكشف عن حقيقة هذه الحركة؟ لماذا نجعل الإيديولوجية تتحكم بموقفنا من الحقيقة؟ طرحت على نفسي هذه الأسئلة بينما كنت أقرأ الرسائل التي وردتني من بعض القراء حول مقالاتي السابقة عن هذا الموضوع، ومن الممكن تقسيم معظم هذه الرسائل إلى نوعين: النوع الأول أعرب عن امتنانه لهذه «الغيرة على الإسلام»، والنوع الثاني عبّر عن امتعاضه من هذه «الردّة الفكرية»! نعم، الرسائل وصلت، لكنها وصلت إلى العنوان الخاطئ، فما علاقة «الغيرة على الإسلام» بما كتبت حول موضوع «حماس»، وأين «الردّة الفكرية» في محاولة كشف الحقائق وتعرية الأكاذيب؟
مقالي السابق حمل عنوان «لمصلحة من تشويه صورة حماس؟»، ولولا حرصي على سلامة عقول بعض القرّاء، لكتبت مقالاً ثانيا تحت عنوان «لمصلحة من تجميل صورة حماس؟»، وفي كلتا الحالتين لن أشعر بأدنى تناقض في موقفي من «حماس»، ذلك أن امتلاك الحقيقة لا يعبّر عن قيمة مطلقة، وإذا كنت أرى أن «حماس» على صواب في موقفها السياسي من الاحتلال، فإني أراها أيضا على خطأ في موقفها الفكري من التراث.
من يشاهد صورة أعضاء حركة «حماس» في قناة «الجزيرة» يخيّل إليه أنه أمام مجموعة من الملائكة، ومن يشاهد صورة أعضاء هذه الحركة في قناة «فوكس نيوز» يخيّل إليه أنه أمام مجموعة من الشياطين، لكن السؤال المهم هو التالي: ما مصدر هذا التناقض بين الصورتين؟ إنها الإيديولوجية، ومادمنا نبحث عن الحقيقة من خلال الإيديولوجية التي نتبناها، فلن نصل إليها أبداً. أثناء الحكم النازي في ألمانيا، ساهم «هيدجر» في إخضاع مفهوم «الحقيقة» للإيديولوجية النازية، فالحقيقة بالنسبة له هي ذلك «الوحي الذي يجعل الشعب واثقا من كل تصرفاته»، والنتيجة هي إحراق كل الكتب العلمية التي وضعها علماء يهود.
هناك أيضاً من يتهم أعضاء حركة «حماس» في الوقوف مع الغزو الصدّامي لشعبنا وأرضنا، لكن هل يعني ذلك استحالة أن تكون «حماس» على صواب في أي لحظة أخرى من تاريخها؟ لو قال الشيطان، مثلا، إن 1 + 1 = 2، فهل يعني ذلك أن هذه المعادلة خاطئة لمجرد أن الشيطان هو من قالها؟ لنفرض أن الاتهام صحيح وأن «حماس» وقفت فعلا مع الغزو البربري ضد أرضنا، لكن هل نستنتج من ذلك أننا في حِلّ من أي مسؤولية أخلاقية تجاه هذه الحركة ومقاومتها للاحتلال؟ هل يعني ذلك أننا ملزمون في الوقوف ضد هذه الحركة حتى لو كانت على صواب؟ إذا اتبعنا هذا المنطق، فسنكون عندها مجبرين على الاعتراف بأننا لا نستحق مواساة الشعب الإيراني لنا أثناء الاحتلال بالرغم من وقوفنا شعبا وحكومة مع النظام العراقي السابق في حربه مع إيران! أدرك أهمية تعاطف الإنسان مع شعبه، لكني أدرك أيضا أن الحقيقة أسمى من كل العواطف مجتمعة.
من يسلك طريق الإيديولوجية لا يرى سوى ملائكة أو شياطين، ومن يسلك طريق القومية لا يرى سوى وطنيين أو خونة، لكن العقل هو الطريق الوحيد الذي من الممكن أن نصل من خلاله إلى حقيقة خالية من أي ثنائية مزيفة.
هل من المستحيل البحث عن الحقيقة بصرف النظر عن هوية من يمتلكها؟ لماذا تعاني صحافتنا المحلية حالة استقطاب شديد عندما يدور الحديث عن حركة «حماس»؟ لماذا ينبغي الاختيار بين «مع» أو «ضد» قبل محاولة الكشف عن حقيقة هذه الحركة؟ لماذا نجعل الإيديولوجية تتحكم بموقفنا من الحقيقة؟ طرحت على نفسي هذه الأسئلة بينما كنت أقرأ الرسائل التي وردتني من بعض القراء حول مقالاتي السابقة عن هذا الموضوع، ومن الممكن تقسيم معظم هذه الرسائل إلى نوعين: النوع الأول أعرب عن امتنانه لهذه «الغيرة على الإسلام»، والنوع الثاني عبّر عن امتعاضه من هذه «الردّة الفكرية»! نعم، الرسائل وصلت، لكنها وصلت إلى العنوان الخاطئ، فما علاقة «الغيرة على الإسلام» بما كتبت حول موضوع «حماس»، وأين «الردّة الفكرية» في محاولة كشف الحقائق وتعرية الأكاذيب؟
مقالي السابق حمل عنوان «لمصلحة من تشويه صورة حماس؟»، ولولا حرصي على سلامة عقول بعض القرّاء، لكتبت مقالاً ثانيا تحت عنوان «لمصلحة من تجميل صورة حماس؟»، وفي كلتا الحالتين لن أشعر بأدنى تناقض في موقفي من «حماس»، ذلك أن امتلاك الحقيقة لا يعبّر عن قيمة مطلقة، وإذا كنت أرى أن «حماس» على صواب في موقفها السياسي من الاحتلال، فإني أراها أيضا على خطأ في موقفها الفكري من التراث.
من يشاهد صورة أعضاء حركة «حماس» في قناة «الجزيرة» يخيّل إليه أنه أمام مجموعة من الملائكة، ومن يشاهد صورة أعضاء هذه الحركة في قناة «فوكس نيوز» يخيّل إليه أنه أمام مجموعة من الشياطين، لكن السؤال المهم هو التالي: ما مصدر هذا التناقض بين الصورتين؟ إنها الإيديولوجية، ومادمنا نبحث عن الحقيقة من خلال الإيديولوجية التي نتبناها، فلن نصل إليها أبداً. أثناء الحكم النازي في ألمانيا، ساهم «هيدجر» في إخضاع مفهوم «الحقيقة» للإيديولوجية النازية، فالحقيقة بالنسبة له هي ذلك «الوحي الذي يجعل الشعب واثقا من كل تصرفاته»، والنتيجة هي إحراق كل الكتب العلمية التي وضعها علماء يهود.
هناك أيضاً من يتهم أعضاء حركة «حماس» في الوقوف مع الغزو الصدّامي لشعبنا وأرضنا، لكن هل يعني ذلك استحالة أن تكون «حماس» على صواب في أي لحظة أخرى من تاريخها؟ لو قال الشيطان، مثلا، إن 1 + 1 = 2، فهل يعني ذلك أن هذه المعادلة خاطئة لمجرد أن الشيطان هو من قالها؟ لنفرض أن الاتهام صحيح وأن «حماس» وقفت فعلا مع الغزو البربري ضد أرضنا، لكن هل نستنتج من ذلك أننا في حِلّ من أي مسؤولية أخلاقية تجاه هذه الحركة ومقاومتها للاحتلال؟ هل يعني ذلك أننا ملزمون في الوقوف ضد هذه الحركة حتى لو كانت على صواب؟ إذا اتبعنا هذا المنطق، فسنكون عندها مجبرين على الاعتراف بأننا لا نستحق مواساة الشعب الإيراني لنا أثناء الاحتلال بالرغم من وقوفنا شعبا وحكومة مع النظام العراقي السابق في حربه مع إيران! أدرك أهمية تعاطف الإنسان مع شعبه، لكني أدرك أيضا أن الحقيقة أسمى من كل العواطف مجتمعة.
من يسلك طريق الإيديولوجية لا يرى سوى ملائكة أو شياطين، ومن يسلك طريق القومية لا يرى سوى وطنيين أو خونة، لكن العقل هو الطريق الوحيد الذي من الممكن أن نصل من خلاله إلى حقيقة خالية من أي ثنائية مزيفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق