هناك على الأقل ثلاث وظائف سياسية غير معلنة مصاحبة لأغلب الاستجوابات، أولا، ثمة وظيفة «انتقامية» عن طريق تصفية الحسابات، ثانياً، هناك وظيفة «استحواذية» تهدف إما إلى حل الحكومة والدخول عنوة في تشكيل وزاري جديد، وأخيرا، هناك وظيفة «دعائية» تحرص على تلميع الذات وزيادة فرص النجاح في الانتخابات اللاحقة.
يبدو أن مجلسنا الحالي سيضرب رقماً قياسياً في عدد الاستجوابات، ثم يطفح الكيل وتحل ساعة الحل، إما دستوريا فتقر عين كل من له طموح جامح في دخول المجلس المقبل (وما أكثرهم!)، وإما لادستوريا فيسعد من خسر كثيراً في الانتخابات السابقة. الحل الدستوري احتمال مستبعد في الوقت الراهن، فالدوائر الخمس رهان صعب، كما أن الحل غير الدستوري مستبعد أيضاً، فتصريحات سمو الأمير حول التمسك بالدستور لم يمض عليها وقت طويل. لم يبق سوى خيار كسب الوقت ومقاومة موجة عنيفة من الاستجوابات، يحركها البعض باتجاه الحل الدستوري، ويحركها البعض الآخر باتجاه الحل غير الدستوري، وهنا نود استعراض بعض الوظائف السياسية السلبية للاستجواب كأداة نيابية مشروعة.
إلى جانب الوظيفتين القانونتين للاستجواب، كما جاء في مقال المستشار «شفيق إمام» (جريدة «الجريدة»، العدد 21)، هناك على الأقل ثلاث وظائف سياسية غير معلنة مصاحبة لأغلب الاستجوابات. أولا، ثمة وظيفة «انتقامية» عن طريق تصفية الحسابات الشخصية أو الحزبية بين الأفراد والتكتلات، وهي وظيفة تتسم بقصر النظر، والافتقار إلى الموضوعية والحنكة السياسية. ثانياً، هناك وظيفة «استحواذية» تهدف إما إلى حل الحكومة والدخول عنوة في تشكيل وزاري جديد، وإما إلى حل مجلس الأمة والإمساك بمطرقة المجلس! أخيرا، هناك وظيفة «دعائية» تحرص على تلميع الذات وزيادة فرص النجاح في الانتخابات اللاحقة، وعادة ما يكون الاستجواب في هذه الحالة مبالغاً فيه من حيث الشكل والمضمون.
لعل الأغلبية العظمى من الاستجوابات تحتوي على وظيفة مركبة، فاستجواب وزير الإسكان الأسبق الدكتور «عادل الصبيح» كان باعتقادي دعائياً انتقامياً، وكذلك الحال بالنسبة لاستجواب وزير المالية الأسبق الدكتور «يوسف الإبراهيم»، أما استجواب وزير الصحة السابق الشيخ «أحمد العبدالله الصباح» فكان استجواباً استحواذياً دعائيا بكل المقاييس، انتصرت فيه الغوغائية وتلاشى صوت العقل! ماذا عن الاستجواب الأخير؟ لاشك في أنه استجواب مهم يهدف إلى حماية المال العام، لكن هذا لايعني أنه يخلو من الدعاية كحصيلة ثانوية، والغريب أن الدعاية هذه المرة جاءت بنتائج عكسية لطرفي الاستجواب، وإن كانت بدرجات متفاوتة.
الاستجواب حق لكل نائب، لكنه حق تشوبه في أحيان كثيرة نزعات استحواذية أو انتقامية أو دعائية، كما أنه ينتهك أبسط قواعد التفكير المنطقي السليم، فالحكم في أغلب الاستجوابات يأتي قبل المداولة من خلال جمع توقيعات طرح الثقة، وأسلوب الاستجواب يعتمد في أكثر الحالات على الصراخ ومخاطبة قلوب الناس دون عقولهم! لكن أليست مخاطبة القلوب هي الأداة المثلى لبلوغ أي هدف في بلد مثل الكويت؟ ألم يدمن المواطن الأسلوب العاطفي في الخطب الموجهة له؟ أو ليس استدرار عطف المدرسين هو الطريق الأسهل لحصول الطالب على الدرجة المطلوبة؟ تغليب العاطفة على العقل تجارة تبدو رابحة، لكننا لن نتخلص من أغلب مشكلاتنا إلا عندما تبور هذه التجارة!
إلى جانب الوظيفتين القانونتين للاستجواب، كما جاء في مقال المستشار «شفيق إمام» (جريدة «الجريدة»، العدد 21)، هناك على الأقل ثلاث وظائف سياسية غير معلنة مصاحبة لأغلب الاستجوابات. أولا، ثمة وظيفة «انتقامية» عن طريق تصفية الحسابات الشخصية أو الحزبية بين الأفراد والتكتلات، وهي وظيفة تتسم بقصر النظر، والافتقار إلى الموضوعية والحنكة السياسية. ثانياً، هناك وظيفة «استحواذية» تهدف إما إلى حل الحكومة والدخول عنوة في تشكيل وزاري جديد، وإما إلى حل مجلس الأمة والإمساك بمطرقة المجلس! أخيرا، هناك وظيفة «دعائية» تحرص على تلميع الذات وزيادة فرص النجاح في الانتخابات اللاحقة، وعادة ما يكون الاستجواب في هذه الحالة مبالغاً فيه من حيث الشكل والمضمون.
لعل الأغلبية العظمى من الاستجوابات تحتوي على وظيفة مركبة، فاستجواب وزير الإسكان الأسبق الدكتور «عادل الصبيح» كان باعتقادي دعائياً انتقامياً، وكذلك الحال بالنسبة لاستجواب وزير المالية الأسبق الدكتور «يوسف الإبراهيم»، أما استجواب وزير الصحة السابق الشيخ «أحمد العبدالله الصباح» فكان استجواباً استحواذياً دعائيا بكل المقاييس، انتصرت فيه الغوغائية وتلاشى صوت العقل! ماذا عن الاستجواب الأخير؟ لاشك في أنه استجواب مهم يهدف إلى حماية المال العام، لكن هذا لايعني أنه يخلو من الدعاية كحصيلة ثانوية، والغريب أن الدعاية هذه المرة جاءت بنتائج عكسية لطرفي الاستجواب، وإن كانت بدرجات متفاوتة.
الاستجواب حق لكل نائب، لكنه حق تشوبه في أحيان كثيرة نزعات استحواذية أو انتقامية أو دعائية، كما أنه ينتهك أبسط قواعد التفكير المنطقي السليم، فالحكم في أغلب الاستجوابات يأتي قبل المداولة من خلال جمع توقيعات طرح الثقة، وأسلوب الاستجواب يعتمد في أكثر الحالات على الصراخ ومخاطبة قلوب الناس دون عقولهم! لكن أليست مخاطبة القلوب هي الأداة المثلى لبلوغ أي هدف في بلد مثل الكويت؟ ألم يدمن المواطن الأسلوب العاطفي في الخطب الموجهة له؟ أو ليس استدرار عطف المدرسين هو الطريق الأسهل لحصول الطالب على الدرجة المطلوبة؟ تغليب العاطفة على العقل تجارة تبدو رابحة، لكننا لن نتخلص من أغلب مشكلاتنا إلا عندما تبور هذه التجارة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق