كل الأحداث الموضوعية المهمة تعقبها عادة أحداث مفتعلة وهامشية، وهذا تكنيك قديم تلجأ إليه السلطة السياسية لصرف الأنظار عمّا هو جوهري وإشغال الرأي العام بأمور ثانوية. شهدت الحياة السياسية في الآونة الأخيرة تداعيات استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء، وبالرغم من اتفاق الجميع على أهمية هذا التطور السياسي بوصفه حدثا سياسيا غير مسبوق في تاريخ الحياة البرلمانية، فإن الأغلبية العظمى- مع الأسف الشديد- مازالت منشغلة بأمور جانبية وصراعات رجعية، والضوضاء مازالت تملأ المكان، فبين مسيرة مبتذلة على ساحل البحر احتفالا بانتصار مزعوم، قادها أناس لا يخجلون من تملّق السلطة، وبين مسيرة غاضبة على الدائري الخامس احتجاجا على قضية مفتعلة واستفزازية، ساهم فيها أناس لا يتورعون عن التكسب الانتخابي الرخيص، ضاعت الفرصة في محاولة التفكير بهدوء في أهم حدث سياسي في تاريخ الكويت. هذا المقال عبارة عن دعوة إلى الهدوء والرجوع من جديد إلى موضوع الاستجواب.
عبّر المستشار شفيق إمام في مقال له هنا في «الجريدة» عن دهشته من «تقديم ثلاثة استجوابات إلى ثلاثة من الوزراء، بعد أن قُدّم الاستجواب الموجه من النائب فيصل المسلم إلى سمو رئيس مجلس الوزراء»، وبيّن المستشار الفاضل سبب دهشته بقوله: إن «الملاءمات الدستورية كانت تقتضي، بعد تقديم استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء، أن يتريث النواب الذين قدموا استجواباتهم إلى الوزراء الثلاثة، حتى ينتهي مجلس الأمة من نظر الاستجواب الموجه إلى رئيس مجلس الوزراء ومناقشته وإصدار قراره فيه». في ظنّي أن دهشة المستشار الفاضل ستختفي من تلقاء نفسها لو علِم أن الملاءمات «الانتخابية» تقتضي أيضا أن يتسابق بعض النوّاب في تقديم الاستجوابات حينما يتم التلويح بورقة حلّ المجلس، وهو خيار مفتوح نصّت عليه المادة (102) من الدستور.
هذا الخيار المفتوح في حلّ المجلس يقف أيضا وراء أحداث أخرى صاحبت استجواب رئيس الحكومة، منها توقيع عريضة من قبل أكثر من ثلاثين نائبا للتأكيد على الرفض المسبق لطلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، ونجاح الحكومة في الحصول على أغلبية برلمانية مريحة في التصويت على طلب عدم التعاون مع رئيس الحكومة. هذا يعني أن شبح حلّ المجلس يفرز ظاهرتين متنافرتين: الأولى، هي التصادم غير الموضوعي مع الحكومة لزيادة فرصة النجاح في الانتخابات التي تعقب الحلّ الدستوري، والثانية، هي التضامن غير الموضوعي مع الحكومة لضمان استمرار المجلس وعدم الرجوع من جديد إلى صناديق الاقتراع.
لست أدري ما إذا كان النائب الفاضل «علي الراشد» مستمرّا في تشاؤمه من فرصة بقاء مجلس الأمة الحالي، ولكن من الصعب إنكار دور النائب الفاضل في حشد أغلبية برلمانية مريحة في صف الحكومة من خلال التصريحات المتشائمة والمكررة التي أدلى بها حول مصير المجلس طوال الفترة التي سبقت موعد الاستجواب! يشتكي النائب الراشد من التعسف النيابي في استخدام أداة الاستجواب، لكن ألا يحق لنا أيضا كشعب أن نشتكي من التعسف النيابي-الحكومي في استخدام المادة (102) للتخويف من شبح حلّ المجلس؟
هناك حلّ بسيط للقضاء على ممارسة التعسف من كلا الجانبين، وهو أن يتم إعادة النظر في المادة (102) من الدستور، وتحديداً في الفقرة التي تقول: «أو أن يحل مجلس الأمة». إذا استمرّت هذه المادة بشكلها الحالي، فإن الحكومة ستظل دوما على موعد مع تصادم مفتعل من جهة، وتضامن مبتذل من جهة أخرى!
الأربعاء، 23 ديسمبر 2009
أو أن يحل مجلس الأمة
الاثنين، 14 ديسمبر 2009
هل تنجح مناورة علي الراشد؟
إذا صرفنا النظر عن التفاصيل التافهة للمواجهات الأخيرة بين البرلمان والحكومة، فإن من العدل القول إن هناك مؤشرات إيجابية على وجود حراك سياسي غير مسبوق في تاريخ الكويت، بدءاً من وجود حملة شعبية تطالب برحيل رئيس الحكومة، مروراً بصعود الرئيس إلى منصة الاستجواب، وانتهاءً بتقديم مجموعة من أعضاء البرلمان لكتاب 'عدم التعاون' مع رئيس مجلس الوزراء.
الاستفادة المثلى من هذا الحراك السياسي تتطلب جهداً شعبياً إضافياً في اتجاه تفعيل المادة (175) من الدستور لاستكمال الممارسة الديمقراطية، وهذا يعني تعديلاً للدستور في اتجاه توسيع سلطة البرلمان وتقليص سلطة الحكومة، والمطالبة الجادة برئيس وزراء شعبي غير محصن اجتماعياً من المساءلة السياسية العلنية، وإعادة النظر في المادة (102) من الدستور لما تتضمنه من إجحاف في حق الشعب وممثليه، فهي تطرح خياراً مفتوحاً لمعاقبة أعضاء البرلمان من خلال حل المجلس في حال قرر أعضاء البرلمان عدم التعاون مع رئيس الوزراء!
على ضوء ما تقدم، لا يمكنني فهم التصريحات الأخيرة للنائب الفاضل علي الراشد إلا بوصفها مجرد مناورة لتفويت الفرصة في استكمال الممارسة الديمقراطية، فالنائب المحترم يسير في الاتجاه المضاد بشكل واضح، وهو يكرر محاولات قديمة لتقليص سلطة الشعب وتوسيع سلطة القصر، ومن ضمن تلك المحاولات ما ذكره الأستاذ 'عبدالله بشارة' في إحدى الصحف المحلية قبل بضع سنوات، حيث قال إن 'الدستور وفّر للنظام الشرعية التاريخية لكن لم يوفر له الأغلبية التي تسانده في الحكم'، فحسب رأيه مأزق الحكم يكمن في أن الحكومة لا تمتلك الأغلبية البرلمانية التي تؤمّن لها حق التشريع!
قد نلتمس العذر للأستاذ 'عبدالله بشارة' لأسباب عديدة، لكن ما عذر النائب المحترم علي الراشد في ترديد مثل هذه المغالطات؟ إذا أرادت الحكومة أن تكون لها أغلبية برلمانية فعليها أولا أن تسلك الطريق الذي سلكه أعضاء البرلمان للوصول إلى البرلمان! بمعنى آخر أكثر وضوحا، إذا أرادت الحكومة أن تتمتع بأغلبية نيابية، فعليها أولا أن تقبل بشرط اختيارها من قبل الشعب مثلما هي الحال مع أعضاء البرلمان. ثم ما حاجة الحكومة إلى أغلبية برلمانية، وهي التي دأبت على تمرير مشاريعها من خلال أقلية برلمانية منتخبة لا تتجاوز السبعة عشر عضواً؟! لكن يبدو أن هذا لا يكفي في نظر السيد علي الراشد، فهو يرغب في مضاعفة تراكم السلطة السياسية لدى الحكومة عن طريق مطالبته السماح بتصويت الوزراء على موضوع طرح الثقة بأحد الوزراء أو موضوع عدم التعاون مع رئيس الوزراء!
أرجو ألا نساهم في إنجاح مناورة علي الراشد عن طريق الرفض المطلق لتعديل الدستور، فالدستور نفسه ينفي عن نفسه صفة الكمال المطلق والقدسية الزائفة، ويتيح لنا تطويره مع توصية حكيمة تضمنتها المادة (175)، واليوم هناك حراك سياسي-اجتماعي يدفع في اتجاه هذا النوع من التعديل. إذا اختار النائب الفاضل علي الراشد وغيره من النواب السير في اتجاه تقليص الممارسة الديمقراطية، فعلينا أن نسير في الاتجاه المعاكس الذي يهدف إلى توسيع هذه الممارسة، لا أن نستمر في التخندق التقليدي للدفاع عن الدستور الحالي وتعطيل مقومات التطور السياسي في هذا البلد!
الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009
(1+ 1= 2)
هي معادلة رياضية سهلة، لكنها ساحرة، وعلامة سحرها تكمن في تلك الدهشة التي ترتسم على وجوه الأطفال عندما يكتشفون أن 1+1= 2. يقول الشاعر الإنكليزي 'ريتشارد هاريسون':
'مازلت أتذكر أول مرة بدأت فيها بتعليم طفلي الصغير هذه المعادلة. أتذكر، مثلا، كيف كان يشير بإصبع واحد في كفه اليمنى، ثم يشير بإصبع آخر في كفه اليسرى، وبعد ذلك تأتي لحظة الاندهاش، إنها لحظة فلسفية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، إنها اللحظة التي يكتشف فيها طفلي أنه بالرغم من انفصال الإصبعين من حيث المكان، فإنهما متحدّان في مفهوم واحد داخل الذهن: إنه العدد 2' (انظر كتاب The Great Equations، لمؤلفه 'روبرت كريز').
هي أيضا معادلة رياضية بسيطة، لكنها عظيمة، ودليل عظمتها هو أنها اختيرت ضمن أعظم عشر معادلات رياضية حسب نتائج استفتاء قامت به مجلة 'عالم الفيزياء' (انظر صحيفة 'الغارديان' البريطانية، عدد 6 أكتوبر 2004). هي أيضا معادلة عظيمة لسبب آخر، فمن خلالها نلج عالماً لامتناهياً من الأرقام، إذ يكفي فقط أن نضيف العدد 1 إلى المجموع لنحصل على العدد الذي يليه، ثم نعيد الكرّة إلى ما لا نهاية! قد يدرك بعض الأطفال هذه الحقيقة من حيث لا يعلمون، وأذكر مرة أني أشرت بإصبع السبابة لأسأل أحد الأطفال من أقاربي: كم هذا؟ فأجابني: 'واحد'، ثم أضفت إصبعا آخر وكررت السؤال، فأجابني: 'اثنان'، ثم أضفت من جديد إصبعا إلى الإصبعين لأسأله: وكم هذا؟ نظر إليّ مليّا ثم أجاب: 'هذا كثير'!
عندما نودّع عالم الطفولة، فإننا نودّع أيضا لحظات الاندهاش الأولى، ومن ضمنها تلك التي تشير إلى أن 1+1= 2. لم نعد نشعر بسحر هذه المعادلة وعظمتها، فهي تبدو بديهية إلى درجة أننا نشير إليها في أحاديثنا للدلالة على بساطة أي فكرة لا تستوجب شرحاً أو توضيحاً! لكن ما الذي يجعلنا واثقين من أنفسنا إلى هذا الحد؟ بمعنى آخر، من أين نستمد هذه الثقة المطلقة في صحة المعادلة التي تقول إن 1+1= 2؟ جزء من الإجابة عن هذا السؤال مرتبط بقدرتنا على التفريق بين نوعين من الجُمل. لننظر، مثلاً، إلى الجملتين التاليتين:
1- درجة غليان الماء تساوي 100 درجة.
2- مجموع زوايا المثلث المرسوم على سطح مستوٍ يساوي 180 درجة.
للتأكد من صحة الجملة الأولى، نستعين بإجراء تجربة لنرى ما إذا كان الماء يغلي فعلاً حين تصل حرارته إلى 100 درجة، لكن التأكد من صحة الجملة الثانية لا يستدعي الاستعانة بأي تجربة، فنحن لا نقوم بقياس زوايا كل المثلثات لإثبات أن مجموع زوايا المثلث يساوي دائما 180 درجة (باسثناء الهندسة اللاإقليدية)، بل يكفي فقط أن نحصل على تعريف محدد لكلمة 'مثلث' كي نقوم باستخلاص كل خصائص المثلثات من خلال برهان رياضي!
الجزء الآخر من الإجابة عن سؤالنا السابق مرتبط بقدرتنا على التفريق بين نوعين آخرين من الجُمل. لننظر من جديد إلى الجملتين التاليتين:
1- الذرّة ليست أصغر أشكال المادة.
2- كل رجل أعزب ليس لديه زوجة.
الجملة الأولى تضيف معلومة جديدة إلى معرفتنا للعالم من حولنا، خصوصا عندما نعرف أن الاعتقاد المغلوط بأن الذرة هي أصغر أشكال المادة كان سائداً لقرون طويلة، لذا فإن هذه الجملة تتطلب إجراء تجربة للتحقق من مدى صحتها! لكن في المقابل، الجملة الثانية لا تضيف شيئا جديداً إلى معرفتنا للعالم من حولنا، فكلمة 'أعزب' تتضمن معنى أن يكون الرجل من دون زوجة، ولهذا السبب لسنا في حاجة إلى إجراء تجربة للتحقق من صحتها، بل يكفي أن نقوم بتحليل مفردات الجملة فقط!
على ضوء هذين المثالين، نستطيع الآن أن نجيب عن السؤال أعلاه على النحو التالي: لدينا ثقة مطلقة بصحة المعادلة الرياضية 1+1= 2 لأنها معادلة تشير إلى جملة 'قبلية' a priori و'تحليلية' analytic، فهي جملة 'قبلية' لأننا نستطيع التأكد من صحتها عن طريق العقل فقط ومن دون اللجوء إلى التجربة، وهي جملة 'تحليلية' لأنها صحيحة من خلال تحليل مفرداتها، مثل مفهوم العدد وعملية الجمع وعلاقة التساوي. يرى معظم الفلاسفة (باستثناء 'كانط') أن المعادلة 1+1= 2 تشير إلى جملة قبلية وتحليلية، وهي صحيحة دائماً، سواء في هذا العالم الذي نعيش فيه أو في أي عالم آخر، إذ من المستحيل منطقياً أن نتخيل وجود عالم تكون فيه 1+1= 2 غير صحيحة!
الأربعاء، 2 ديسمبر 2009
علم اللغة النظري
هناك ارتباط وثيق بين علم اللغة النظري وعلم الأحياء، وكي نقف على حقيقة هذا الارتباط، دعنا نلقِ نظرة على الأسئلة التالية:
1- لماذا تقتصر اللغة على فصيلة الإنسان فقط؟
2- كيف يكتسب الأطفال القدرة على تعلّم اللغة؟
3- كيف تطوّرت اللغة؟
اللغة تقتصر فقط على فصيلة الإنسان، وهناك اختلاف طفيف جدا بين فصيلة الإنسان وفصيلة الشامبانزي من حيث الجينات، وهذا يعني أن سرّ اقتصار اللغة على فصيلة الإنسان يكمن في هذا الاختلاف الطفيف في التركيب الجيني بين الفصيلتين. هذا الاستنتاج مبنيّ على افتراض يشير إلى وجود علاقة وثيقة بين جينات الإنسان وقدرته على اكتساب اللغة، وصحة هذا الافتراض مرتبطة بالسؤال الثاني أعلاه، فمن المعروف أن الأطفال يكتسبون اللغة في سن مبكرة جدا (بين 18 شهرا إلى 4 سنوات)، واكتساب اللغة لا يحتاج إلى تلقين مستمر أو دراسة منتظمة، مما يعني أن قدرة الأطفال على تعلم اللغة لا ترتبط فقط بالبيئة التي نشؤوا فيها، بل في التركيب الجيني الذي يشترك فيه جميع البشر. إن القدرة على اكتساب اللغة تشبه القدرة على المشي، فكلاهما لا يحتاج إلى تلقين مسبق!
ترتبط هذه النظرة البيولوجية لعلم اللغة بنظريات عالم اللسانيات الشهير 'نعوم تشومسكي'، فهو يرى أن اللغة مثل بقية أعضاء الجسم، تنمو لاإراديا وفق ما يمليه المخطط الجيني! لقد حاول 'تشومسكي' طوال عقود طويلة أن يدلل على أن اللغة نظام جيني معقد جدا، لكنه اضطر في السنوات الأخيرة إلى مراجعة آرائه حول هذه المسألة، والسبب في ذلك مرتبط بالسؤال الثالث أعلاه، فمن المتعارف عليه علميا أن نشوء اللغة في فصيلة الإنسان حدث قبل خمسين ألف سنة على أقل تقدير، وهذه مدة زمنية قصيرة جدا إذا ما قيست بعمر تطور الكائنات الحية، لذا فإن القول إن اللغة نظام جيني فائق التعقيد يتعارض مع أحد أهم مبادئ نظرية التطور، وهو مبدأ يشير إلى أن الانتقاء الطبيعي Natural Selection يحتاج إلى وقت طويل جدا كي يؤتي ثماره وينتج نظاما بيولوجيا فائق التعقيد مثل اللغة. لقد حاول 'تشومسكي' تجاوز هذه المعضلة من خلال ما يعرف باسم The Minimalist Program، وهو عبارة عن محاولة إلى إيجاد علاقة بين قوانين اللغة وقوانين الفيزياء! لكن كيف؟
اللغة وظيفة من وظائف العقل، والعقل وظيفة من وظائف الدماغ، وبالتالي يصبح من المنطقي القول إن اللغة وظيفة من وظائف الدماغ. هذا الارتباط بين اللغة والدماغ نراه، مثلا، ضمن حالات مرضية تؤدي إلى فقدان القدرة على النطق، والسبب في ذلك يعود إلى تلف الخلايا العصبية في منطقة محددة من الدماغ تعرف باسم Broca’s area. لكن بالنسبة لـ'تشومسكي'، الارتباط بين اللغة والدماغ أعمق من ذلك بكثير، فهو يرى أن القوانين المجردة التي تحكم اللغة تخضع إلى القوانين الفيزيائية التي تحكم الدماغ، وهذا يعني أن من المحتمل أن يكون التركيب الجيني غير مسؤول عن إنتاج نظام معقد من قوانين اللغة، بل إن المسؤول عن ذلك هي قوانين الفيزياء! هناك من يتبنى هذا الرأي من بين علماء الفيزياء، لعل أشهرهم أستاذ الرياضيات والفيزياء في جامعة أُكسفورد السير 'روجر بينروس'، إذ يرى أن حلّ سرّ اللغة مرهون بقدرة علماء الفيزياء على ردم الهوّة بين 'نظرية الكم' والنظرية النسبية (انظر كتابه The Road to Reality).
سبق أن أشرنا إلى أن اللغة وظيفة من وظائف العقل، وهذا يعني أن علم اللغة مرتبط أيضا بفروع المعرفة التي تتخذ من العقل موضوعا للبحث، مثل علم النفس وفلسفة العقل وعلم الإدراك وغيرها. هناك أيضا ارتباط وثيق بين علم اللغة وعلم المنطق، فقد حاول أنصار 'الوضعية المنطقية' إخضاع اللغات الطبيعية لقوانين المنطق، ولعل أشهر من قام بذلك العالم الألماني 'رودولف كارناب'.
لن أستطيع من خلال مقال واحد أن أحصر عدد العلوم المرتبطة بعلم اللغة النظري، لكن أتمنى أن أكون قد وفّقت في إبراز أهمية هذا العلم وارتباطه الوثيق بفروع المعرفة الأخرى.