القرار الديمقراطي يشير إلى قرار يتم التوصل إليه عن طريق إجراء عملية تصويت ومن ثمّ اعتماد رأي الأغلبية. هذا التعريف البسيط يقودنا إلى طرح تساؤلين حول طبيعة القرار الديمقراطي: أولا، هل ينبغي اتخاذ كل قرار في حياتنا بطريقة ديمقراطية؟ ثانيا، هل من الضروري أن يكون القرار الديمقراطي قرارا صحيحا؟ للإجابة عن مثل هذه التساؤلات، دعنا نلق نظرة على المثال التالي:
أثناء رحلة جوية، يكتشف قائد الطائرة وجود عطل فني، ولكونه إنسانا ديمقراطيا قلبا وقالبا، يلجأ قائد الطائرة إلى الرّكاب مقترحا عليهم التصويت على مصير الرحلة، حيث يطلب منهم أن يختاروا بين أمرين: إما الهبوط الاضطراري، وإما الاستمرار في الرحلة!
هذا المثال الطريف نجده في الأدبيات التي تتناول موضوع النظرية السياسية، ويأتي عادة في سياق التدليل على حقيقة أن القرار الديمقراطي قد لا يتناسب مع كل شؤون الحياة، فهناك أمور لا ينبغي أن تخضع لمبدأ الديمقراطية. لو نظرنا إلى هذا المثال مرّة أخرى، فسنرى بوضوح أن قائد الطائرة ارتكب خطأ فادحا في لجوئه إلى عملية التصويت على مصير الرحلة، ولعل سلوكه الديمقراطي يخفي في طياته فشلا ذريعا في تحمّل المسؤولية!
لكن إلى جانب الفشل في تحمّل المسؤولية، ما الذي يدفع قائد الطائرة إلى عملية التصويت على تقرير مصير الرحلة؟ ربما اعتقد قائد الطائرة أن القرار الذي يتم اتخاذه بطريقة ديمقراطية يكون أقرب إلى الصواب، ولكن هذه مغالطة تعرف باسم «المغالطة الديمقراطية»، ذلك أنه ليس من الضروري أن يكون القرار الديمقراطي قرارا سليما. لا جدال في أن القرار الديمقراطي كان وراء مقتل «سقراط»، وحرق «برونو»، ووصول «هتلر» و«موسوليني» إلى السلطة، لكن من العسير القول إن مثل هذه الأحداث المؤسفة تعبّر عن قرارات سليمة!
إذا أردنا أن نزيد من فرصة أن يكون القرار الديمقراطي قرارا صائبا، فلا بدّ من ضمان وجود أغلبية واعية ومدركة تماما لطبيعة الموضوع الخاضع لعملية التصويت. لتوضيح هذه النقطة، بإمكاننا أن نجري تعديلا طفيفا على المثال أعلاه، بحيث نفترض أن جميع ركّاب الطائرة عبارة عن أشخاص متخصصين في هندسة الطيران، وفي ظل هذا الافتراض لن يكون بوسعنا إلقاء اللوم على قائد الطائرة لو لجأ إلى عملية التصويت، ذلك أن من المحتمل جدا في هذه الحالة أن يكون رأي الأغلبية من الرّكاب رأيا صائبا!
على ضوء ما تقدّم، يصبح من المنطقي القول إن نجاح الديمقراطية في أي مجتمع بشري يعتمد على أمرين: الأمر الأول، هو اتفاق أفراد المجتمع الواحد على طبيعة المسائل التي من الممكن إخضاعها إلى عملية التصويت واتخاذ قرار ديمقراطي بشأنها، والأمر الثاني، هو العمل على تأسيس أغلبية واعية ومدركة لمبادئ النظام الديمقراطي.
لو نظرنا إلى الممارسة شبه الديمقراطية في الكويت، فسنلاحظ إخفاقا في كلا الأمرين، فعلى الرغم من التزام الحكومة الكويتية بمواثيق دولية تكفل حقوق الإنسان وحقوق الأقليات، فإن البرلمان الكويتي لم يتورع عن إخضاع مثل هذه الحقوق الأساسية لعملية التصويت، وبالرغم من انخفاض نسبة الأمية في الكويت، فإن الأغلبية العظمى من الشعب مازالت جاهلة بأبسط مبادئ الديمقراطية، ومن المؤسف أن يكون من بينهم كتّاب وأساتذة ومتخصصون في الشأن العام!
ملاحظة هامشية: هناك مبدأ بسيط غاب عن بعض الكتّاب والمتخصصين في الشأن السياسي، ممن تصدوّا للدفاع عن صاحب قناة «السور» بحجة الذود عن حرية التعبير، والمبدأ ينص على التالي: لا تسامح مع اللاتسامح! أخشى أن يكون النفس العنصري وراء عدم قدرة أولئك الكتّاب على التمييز بين خطاب يحمل وجهة نظر، وخطاب مليء بالكراهية والعنصرية والإقصاء لشريحة كبيرة من أفراد المجتمع!
أثناء رحلة جوية، يكتشف قائد الطائرة وجود عطل فني، ولكونه إنسانا ديمقراطيا قلبا وقالبا، يلجأ قائد الطائرة إلى الرّكاب مقترحا عليهم التصويت على مصير الرحلة، حيث يطلب منهم أن يختاروا بين أمرين: إما الهبوط الاضطراري، وإما الاستمرار في الرحلة!
هذا المثال الطريف نجده في الأدبيات التي تتناول موضوع النظرية السياسية، ويأتي عادة في سياق التدليل على حقيقة أن القرار الديمقراطي قد لا يتناسب مع كل شؤون الحياة، فهناك أمور لا ينبغي أن تخضع لمبدأ الديمقراطية. لو نظرنا إلى هذا المثال مرّة أخرى، فسنرى بوضوح أن قائد الطائرة ارتكب خطأ فادحا في لجوئه إلى عملية التصويت على مصير الرحلة، ولعل سلوكه الديمقراطي يخفي في طياته فشلا ذريعا في تحمّل المسؤولية!
لكن إلى جانب الفشل في تحمّل المسؤولية، ما الذي يدفع قائد الطائرة إلى عملية التصويت على تقرير مصير الرحلة؟ ربما اعتقد قائد الطائرة أن القرار الذي يتم اتخاذه بطريقة ديمقراطية يكون أقرب إلى الصواب، ولكن هذه مغالطة تعرف باسم «المغالطة الديمقراطية»، ذلك أنه ليس من الضروري أن يكون القرار الديمقراطي قرارا سليما. لا جدال في أن القرار الديمقراطي كان وراء مقتل «سقراط»، وحرق «برونو»، ووصول «هتلر» و«موسوليني» إلى السلطة، لكن من العسير القول إن مثل هذه الأحداث المؤسفة تعبّر عن قرارات سليمة!
إذا أردنا أن نزيد من فرصة أن يكون القرار الديمقراطي قرارا صائبا، فلا بدّ من ضمان وجود أغلبية واعية ومدركة تماما لطبيعة الموضوع الخاضع لعملية التصويت. لتوضيح هذه النقطة، بإمكاننا أن نجري تعديلا طفيفا على المثال أعلاه، بحيث نفترض أن جميع ركّاب الطائرة عبارة عن أشخاص متخصصين في هندسة الطيران، وفي ظل هذا الافتراض لن يكون بوسعنا إلقاء اللوم على قائد الطائرة لو لجأ إلى عملية التصويت، ذلك أن من المحتمل جدا في هذه الحالة أن يكون رأي الأغلبية من الرّكاب رأيا صائبا!
على ضوء ما تقدّم، يصبح من المنطقي القول إن نجاح الديمقراطية في أي مجتمع بشري يعتمد على أمرين: الأمر الأول، هو اتفاق أفراد المجتمع الواحد على طبيعة المسائل التي من الممكن إخضاعها إلى عملية التصويت واتخاذ قرار ديمقراطي بشأنها، والأمر الثاني، هو العمل على تأسيس أغلبية واعية ومدركة لمبادئ النظام الديمقراطي.
لو نظرنا إلى الممارسة شبه الديمقراطية في الكويت، فسنلاحظ إخفاقا في كلا الأمرين، فعلى الرغم من التزام الحكومة الكويتية بمواثيق دولية تكفل حقوق الإنسان وحقوق الأقليات، فإن البرلمان الكويتي لم يتورع عن إخضاع مثل هذه الحقوق الأساسية لعملية التصويت، وبالرغم من انخفاض نسبة الأمية في الكويت، فإن الأغلبية العظمى من الشعب مازالت جاهلة بأبسط مبادئ الديمقراطية، ومن المؤسف أن يكون من بينهم كتّاب وأساتذة ومتخصصون في الشأن العام!
ملاحظة هامشية: هناك مبدأ بسيط غاب عن بعض الكتّاب والمتخصصين في الشأن السياسي، ممن تصدوّا للدفاع عن صاحب قناة «السور» بحجة الذود عن حرية التعبير، والمبدأ ينص على التالي: لا تسامح مع اللاتسامح! أخشى أن يكون النفس العنصري وراء عدم قدرة أولئك الكتّاب على التمييز بين خطاب يحمل وجهة نظر، وخطاب مليء بالكراهية والعنصرية والإقصاء لشريحة كبيرة من أفراد المجتمع!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق