كيف صاغ الإسبان العلاقة بين السلطة والمسؤولية بطريقة تضمن تمتع الشعب الإسباني بنور الديمقراطية؟ الجواب عن هذا السؤال نجده في المادة 64 من الدستور الإسباني، فهي تنص على أنّ كل صلاحيات الملك المقرّرة في الدستور لا تكون نافذة ولها قوّة القانون إلاّ بعد مصادقة رئيس الحكومة عليها.
العلاقة بين السلطة والمسؤولية علاقة شرطية مزدوجة، فلا سلطة من دون مسؤولية، ولا مسؤولية من دون سلطة. لا إنسان مسؤول عن كسوف الشمس، لأنّه لا إنسان يملك السلطة في التحكّم بهذه الظاهرة الطبيعية، وبالمثل، لا إنسان ينبغي أن يحكم إذا لم يُساءل عن أفعاله، لأنّ عدم المساءلة تجعل من الحُكم حُكما دكتاتوريّا.
في الدستور الإسباني، الفقرة 1 من المادة 56 تمنح الملك أعلى سلطة سياسية، والفقرة 3 من المادة ذاتها تعفي الملك من أيّ مسؤولية، فالأولى تنصّ على أنّ الملك هو رئيس الدولة ورمز وحدتها وديمومتها، والأخرى تنصّ على أنّ ذات الملك لا تمسّ، كما لا ينبغي مساءلته عن أفعاله! هل هذا يعني أنّ النظام في إسبانيا نظام دكتاتوري؟ إطلاقاً، فمن المعروف أنّ إسبانيا تتمتع بنظام ديمقراطي منذ عقود من الزمن، لذا فإنّ السؤال الذي ينبغي أن يطرح هنا هو التالي: كيف تحايل الإسبان على العلاقة بين السلطة والمسؤولية بطريقة تضمن تلافي الوقوع في ظلام الدكتاتورية؟
ربّما اعتقد القارئ أنّ لقب "رئيس الدولة" لا يمنح الملك سلطة حقيقية بالضرورة، بل مجرد سلطة شكلية! لست أختلف مع القارئ في أن سلطة الملك الإسباني شكلية إلى حدّ ما، لكن هذه السلطة الشكلية ليس مردّها إلى لقب الملك، فالدستور الإسباني يمنح الملك– حسب المادتين 62 و 63- سلطات حقيقية، منها على سبيل المثال، إصدار المراسيم، وحلّ كلّ من الحكومة والبرلمان، وإعلان الحرب، وغيرها من الصلاحيات الواسعة، لذا فإن السؤال الذي طرحناه مازال قائما: كيف صاغ الإسبان العلاقة بين السلطة والمسؤولية بطريقة تضمن تمتع الشعب الإسباني بنور الديمقراطية؟
الجواب عن هذا السؤال نجده في المادة 64 من الدستور الإسباني، فهي تنص على أنّ كل صلاحيات الملك المقرّرة في الدستور لا تكون نافذة ولها قوّة القانون إلاّ بعد مصادقة رئيس الحكومة عليها، والحكومة في إسبانيا– كما نعلم جميعا- حكومة برلمانية منتخبة، مما يعني أنّ سلطة الشعب فوق سلطة الملك، فالدستور الإسباني يستلزم مصادقة الحكومة المنتخبة على صلاحيات الملك، بينما لا يستلزم مصادقة الملك على صلاحيات الحكومة، لذا فإنّ من حقّ الإسبان أن يفتخروا قائلين إنّ الشعب مصدر السلطات جميعا، وهو كذلك فعلاً!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق