قبل يومين، أصدرت "منظمة العفو الدولية" تقريراً حول دولة قطر حمل عنوان "ليتكم تعاملوننا كبشر"، تناولت من خلاله أوضاع العمال الأجانب بشكل عام، وعمال البناء وخدم المنازل بشكل خاص، وكشف التقرير عن مشاهد بشعة لمأساة حقيقية، إليكم بعض منها.
يشير التقرير إلى قانون الكفالة القطري الذي يكشف عن علاقة غير متكافئة بين الكفيل والمكفول، حيث "يجيز هذا القانون لأصحاب الأعمال أن يمنعوا العاملين لديهم من الانتقال للعمل لدى آخرين، ومن مغادرة البلاد، كما يجيز لهم إلغاء تصاريح الإقامة"، وأما العمال فليس بمقدورهم "أن يستخرجوا أو يُجددوا تصاريح إقامتهم بدون تعاون أصحاب الأعمال"! قانون الكفالة هذا (أو قانون النخاسة، لا فرق)، يعطي أرباب العمل "أدوات قانونية تتيح لهم ترهيب أو تهديد العمال وإجبارهم على مواصلة العمل".
منها- على سبيل المثال لا الحصر- عدم قدرة العامل على هجر وظيفته أو حتى تغييرها من دون إذن مسبق من ربّ العمل، كما لا يمكن للعامل أن يغادر البلاد من دون إذن رسمي من ربّ العمل!
يشير التقرير كذلك إلى أن الغالبية العظمى من العمالة الأجنبية في قطر تتقاضي أجراً أقل بكثير مما هو منصوص عليه في عقد العمل، بل إن بعض العمال لا يتقاضون أجراً على الإطلاق، خصوصاً أولئك الذين يعملون في القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال، يشير التقرير إلى الرسالة التالية التي بعثها أحد المسؤولين في السفارة الهندية في الدوحة إلى إحدى الشركات التي تملصت من مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية في دفع رواتب العشرات من عمالها: "أود أن أعبر عن أسفنا على الطريقة التي عاملتم بها نحو 100 عامل هندي وفدوا إلى قطر بأحلام لا حدود لها، فلم تكتفوا بعدم دفع أجورهم لعدة أشهر، ولكنكم أجبرتموهم أيضا على الاقتراض من أهلهم في الهند لكي يدفعوا الغرامات المفروضة عليهم ويعودوا إلى بلدهم"!
يأتي تقرير "منظمة العفو الدولية" حول قطر في وقت حرج، فوتيرة الاستعداد لمونديال عام 2022 تتسارع، وعدد الشركات الإنشائية يتعاظم، والوجه المشرق الذي ينتظره الجميع من قطر تُفسد ملامحه انتهاكات حقوق العمال من قِبل أرباب الشركات الكبرى، الأمر الذي يضع "اللجنة العليا المنظمة لقطر 2022" أمام مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية تجاه ما يحدث.
في التقرير أيضا إشارة إلى العنف المنزلي ضد خدم المنازل، وإجبارهم على العمل لفترات متواصلة، وتقييد حركتهم من خلال الاحتفاظ بجوازات سفرهم، وتهديدهم بشبح الترحيل من البلاد إن هم رفضوا الاستمرار في العمل، وغيرها الكثير من الأمور المهينة للكرامة الإنسانية والمخالفة لمواثيق حقوق الإنسان، وكلها أمور لا تثير دهشتنا نحن في الكويت، فلو وضعنا كلمة "الكويت" مكان كلمة "قطر" في التقرير المذكور، لما انتقص ذلك من دقة التقرير ومدى صحته، ولعل الفارق الوحيد هو أن قطر التي تشرئب إلى لفت أنظار العالم إلى مونديال 2022 ترسم حُلم المونديال بألوان من مآسي العمال!
إلى الأعداد القليلة من المهتمين، إليكم رابط التقرير:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق