إلى جانب تسويق أيديولوجيا "الصحوة" في السبعينيات من خلال ابتداع ظاهرة "الاقتصاد الإسلامي"، ابتُدعت في الفترة نفسها ظاهرة جديدة عُرفت باسم "الإعجاز العلمي"، ونشأة هذه الظاهرة الأخيرة تعود إلى نشر كتاب "الإنجيل والقرآن والعلم"، الكتاب الذي حقّق بفضل البترو-إسلام مبيعات ضخمة بلغت ملايين النسخ وتمت ترجمته إلى أكثر من لغة، وأمّا مؤلفه فهو "موريس بوكاي"، جرّاح فرنسي عمل طبيبا خاصا للملك فيصل بن عبدالعزيز تارة، وللريئس أنور السادات تارة أخرى، وهذه السيرة الموجزة عن هذا الطبيب تكفي للتنبؤ بفحوى القضية الجوهرية في كتابه، وهي أنّ القرآن، على العكس من الإنجيل، سبق العلم الحديث فيما توصل إليه هذا الأخير من اكتشافات، وبطبيعة الحال فإنّ المقصود هنا بالاكتشافات هي تلك التي توصّل إليها العلماء على مدى العصور إلى غاية عام 1976، وهو العام الذي نشر فيه "بوكاي" كتابه، وأمّا الاكتشافات العلمية التي جاءت بعد ذلك التاريخ فقد تصدّى لها زغلول النجّار وغيره من المهتمين بظاهرة "الإعجاز العلمي"!
المتاجرة بالدين تعتمد على الاستثمار في الجهل، ويبدو أنّ "بوكاي" لم يكن الأجنبي الوحيد الذي فطن إلى هذه الحقيقة، فهناك أيضا "كيث مور"، باحث كندي في علم الأجنة تلقّى دعوة لقضاء ثلاثة أعوام في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، والهدف من تلك الدعوة– حسب قوله– هو "مساعدة المسؤولين هناك في تفسير نصوصهم الدينية التي تشير إلى مراحل تطور الجنين"، وساهم مساهمة فعّالة في التعاون مع "باحثين" هناك في نشر "أبحاث علمية" ضمن منشورات الجامعة التي استضافته، والجدير بالذكر هنا– من باب الطرافة على الأقل– أنّ الطبعة الثالثة من كتاب "مور" الشهير والذي حمل عنوان "The Developing Human"، نُشرت بنسختين مختلفتين، نسخة للعالم الغربي لا تتضمن الإشارة إطلاقا إلى "الإعجاز العلمي" حول موضوع الأجنة، ونسخة للعالم الإسلامي تتضمن هذه الإشارة!
لكن من الذي قام بالإضافات المتعلقة بالإعجاز العلمي إلى كتاب "مور" بنسخته الإسلامية؟ لم يكن سوى عبدالمجيد الزنداني، العضو البارز في حركة الإخوان المسلمين في اليمن ومؤسس "الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنّة"، والمسؤول الأول عن الفضيحة الشهيرة والمتمثلة بتجنيد علماء أجانب لدعم ظاهرة "الإعجاز العلمي"، وقد اعترف بعض العلماء الأجانب ممن تورّطوا في تلك الفضيحة باستلام مبالغ مالية وهدايا ثمينة نظير جهودهم، في حين اكتفى البعض الآخر بالقول إنهم كانوا ضحايا عملية احتيال!
أخيرا، تنبغي ملاحظة التشابه بين ظاهرة "الإعجاز العلمي" وظاهرة "الاقتصاد الإسلامي"، ولهذا التشابه أوجه متعددة، فمن حيث الهدف، كلتا الظاهرتين تهدف إلى تسويق أيديولوجيا "الصحوة"، ومن حيث التمويل، حظيت الظاهرتان بدعم البترو-إسلام، ومن حيث الوسيلة، تعتمد الظاهرتان على التحايل في زمن الجهل، ومن حيث المنهج، ترتكز كلتاهما على لَيّ النصوص الدينية بطريقة تضمن توافقها مع علم الاقتصاد من جهة، والعلوم الطبيعية من جهة أخرى.
هناك تعليق واحد:
كلامك كله افتراضات بلا دليل ولا منهجية علمية.. فهل كون بوكاي عمل عند الملك فيصل يعني أنه أصبح فاقدا للأهلية!! اعطنا نقدا علميا بالحجة وليس كلاما عاما مهلهلا..
ثم كيث مور صرح في جامعة ايلنوي بشيكاغو أنه استفاد من مراحل نمو الجنين في القرآن الكريم وهي موافقة للعلم وأنه لا يرى تعارض بين القرآن الكريم والعلم فهل كان الزنداني فوق رأسه بمسدس ليقول ذلك..
حججكم ركيكة وساذجة
إرسال تعليق